الثورة – عبد الحميد غانم:
شكلت القدس .. زهرة المدائن عبر التاريخ مدينة السلام، وتغنى بها الشعراء والأدباء وألفت حولها الكثير من الكتب، وكانت مكانا للصراعات التاريخية بين القوى الكبرى للسيطرة عليها.
وعنها قال نزار قباني:
يا دمعةً كبيرةً تجول في الأجفان
من يوقف العدوان؟
يا قدس.. يا مدينتي
يا قدس.. يا حبيبتي
غداً.. غداً.. سيزهر الليمون
وتفرح السنابل الخضراء والزيتون… وتضحك العيون
يا بلدي .. يا بلد السلام والزيتون
كتاب جديد زخرت به المكتبة العربية بعنوان؛
القدس.. ما عادت المدينة (الشاملة؟).
للكاتبة الفرنسية أميلي ماري غواشون
ترجمة: محمد الدنيا
الصادر عن اتحاد الكتاب العرب ومؤسسة أرض الشام.. دمشق ٢٠٢٤.
لقد عنونت الكاتبة الفرنسية أميلي ماري غواشون كتابها الجديد بـ”القدس ما عادت المدينة الشاملة”، مسلطة الضوء من خلاله على محاولات الكيان الصهيوني على ما يفعله من متغيرات في مكانة القدس وتاريخها وعلاقتها بالتراث والأديان.
ويشير الكتاب الذي ترجمه إلى العربية محمد الدنيا إلى أن القدس التي تعلقت بها قلوب الملايين من البشر تعرضت إلى محاولات تغيير كثيرة خلال الانتداب البريطاني وبوجود الكيان الصهيوني الذي يسعى إلى إلغاء الكثير من المكونات العربية الأصيلة والتاريخية، وإنهاء ما كانت تحتويه من نظم وجماليات والعمل على التأثير على القداسة التي كانت تساوي بين الأديان.
وفي مقدمة الكتاب التي جاءت بقلم رئيس اتحاد كتاب العرب الدكتور محمد الحوراني جاء: “إن مدينة القدس تعد واحدة من أهم الحواضر العربية والإسلامية التي قدمت النموذج الأبهى للتعايش بين أبناء الديانات جميعها واستطاعت بما تحمله من عمق حضاري إنساني عالمي أن تستقبل أبناء العالم من مختلف القارات، وشكلت منذ القدم مثالا لتسامح حضارتنا القائمة على التنوع”.
وبين الحوراني أنه لم يمنع يوما صاحب دين سماوي من ممارسة طقوسه في القدس، حيث وجدت فيه “المساجد والكنائس والكنس” كما أن حاراتها وأبنيتها وشوارعها الضاربة في عمق التاريخ تعكس التنوع العرقي الذي قامت عليه حضارتنا وظلت القدس تمثله أصدق تمثيل وأراد الاحتلال تشويهها، من خلال القضاء على قيم التنوع والمحبة والتسامح فيها، وهذا ما سلطت عليه الضوء الباحثة الفرنسية غواشون في كتابها.
وعن قصة ترجمة الكتاب، بين الأب الياس زحلاوي في كلمة له تضمنها الكتاب: إن المؤلفة غواشون قدمت الكتاب هدية له خلال زيارته إلى فرنسا ووجد فيه أن القدس نهاية المدينة الكونية، في ظل استمرار ما يجري وما يحتويه هذا الكتاب من خشية حقيقية لديها من ضياع مدينة القدس وضياع الوجود العربي كله، جراء جرائم الاحتلال وما يهدف إليه.
وأوضح الأب زحلاوي أن في الكتاب حقائق صادمة كان من الضروري نقلها إلى العربية فلا يوجد إنسان عربي إلا وتعنيه القدس مدينة الروح الكونية التي تعاني أسوأ أنواع الاحتلال.
الكتاب الصادر عن مؤسسة أرض الشام بالتعاون مع اتحاد كتاب العرب يقع في 422 صفحة من القطع الكبير يكشف الكثير مما تتعرض إليه القدس من محاولات التهويد والاستيطان الإسرائيلي، متضمنا العديد من الصور التي توضح بعض المقدسات والأوابد التاريخية قبل تهويدها علما ان الكتاب مؤلف من سبعينات القرن الماضي ولم تجرؤ دار نشر غربية على ترجمته.
ويعد وثيقة هامة على فضح الممارسات الصهيونية في القدس لطمس معالمها العربية والإسلامية والمسيحية.