الملحق الثقافي – سعاد زاهر:
أغمضت عينها لفترة طويلة، خشيت أن تفتحهما لتكتشف أنها في غرفة الانتظار في أحد المراكز الطبية، رغم نظافة المركز إلا أنها تحاول ابتكار كل الطرق التي تعلمتها يوما في تهدئة ذاتها.
في انتظار أن تعرف تشخيص المرض، حاولت أن تخرج ذاتها من التعاطف، ولكن احساسها أن لحظة النهاية لأحد أصدقائها اقتربت شعور لا يوصف، خاصة في بلد غريبة، لاتعرف مدى مهارة أطبائها عاجزة عن شحن ذاتها حتى تمر تلك اللحظات العصيبة.
حين عاد من غرفة الطبيب مكفهر الوجه وسافر الى بلده في اليوم التالي لم تحتج إلى أي أسئلة فهمت من تلقاء ذاتها كل شيء.
ولكنها استغربت كيف يفاجئنا القدر ؟!
اعتقدت أنها أجمل رحلات حياتها، فاذ بها الرحلة الأخيرة.
قبلها بيوم، كانت مستاءة من الشمس الحارقة ومن غلاء الأسعار، ومن حب ناقص، ووعود موؤودة، وألم لا يبرح يضغط على صدرها اثر خيانة غير متوقعة، ومن طعام لا تستسيغه….
وتفاصيل أكثر من أن تحصى، تبدو الآن مجرد ذرات غيار، مجرد ترهات توقفت عندها، بينما كان ايقاع الحياة الحقيقي يمشي في اتجاه آخر ليعد لها مفاجأة تصيغ النهاية في بلاد بعيدة.
لعل أجمل مافي تلك النهاية، انقشاع كل تلك السحب غير الماطرة التي هيأت لها يوماً، الفرصة لفهم مختلف للحياة ولكنها لطالما أبقتها بعيدة، وتمسكت بكل تلك الشخصيات التي تعقد كل تفاصيل الحياة، وتقتل فرحها، وتصرعلى مادية وعملية مقيتة.
في النهاية ايا كانت خياراتتا، سنشعر في لحظة اقتناص الفرح أننا اجدنا فعلها كما بحلو لنا، ولكن في لحظة الخسارة، خاصة الكبرى، سنشعر أن لعنة ما تلاحقنا، ولكن نحن نصرعلى المداورة حولها، كأننا نتمسك بها قبل أن تأتي، وبالفعل حين تحل علينا، لانهتف سوى بكلمة واحدة،…أي ندم!
العدد 1188 –7-5-2024