الملحق الثقافي – نبوغ محمد أسعد:
منذ بداية توثيق الحالات الأدبية كان الاهتمام الأول في الشهادة وهذا ماظهر في الشعر الجاهلي وفي أقوال الحكماء ..مثل قس ابن ساعدة الأيادي ..وكتابة الحكايات الشعبية وغير ذلك. وما كتبه أدباء عالميون حول محنة الإنسان في حروب أخرى، اندلعت بعد الحرب العالمية الثانية، كما نجد عند الأديب الفرنسي جان جينيه في كتابه «صبرا وشاتيلا» أو ما كتبه الأديب الإسباني خوان غويتيسولو حول
سراييفو وكانت صورالشهادة ماثلة في كتابتهم . وكتب الباحث الدكتور محمد حامد شريف كثيرا عن كتابات الأدباء والشعراء التي صورت عظمة الشهداء والشهادة ومنها ما يدين جمال باشا السفاح الذي أقدم على قتل الكثيرين منهم ورثى الأدباء كثير من الشهداء الذي
قضوا في المهجر وهذا كان من أصعب أنوع الموت وأجمل أنواع الشهادة فاستطاع الشعراء أن يعلنوا عن ثورتهم، وأن يرثوا
لإخوانهم الشهداء في قصائدهم الحماسية، فقد دأب أبو الفضل الوليد، وإيليا أبو ماضي، ورشيد سليم الخوري، والياس فرحات و
غيرهم ،فسجلوا كثيرا مما حدث إضافة إلى الواقع المرير الذي يرافق الشهادة . وهناك أدباء اغتالتهم يد الغدر الصهيونية من أجل كتاباتهم مثل غسان كنفاني صاحب كتاب الأدب المقاوم تحت الإحتلال وكتاب أدب المقاومة في فلسطين المحتلة وعائد إلى حيفا ومنها
مسرحيات مثل القبعة والنبي ومسرحية الباب وكل هذه المؤلفات تنحصر في فضح الاحتلال استطاع كتابة (أدب الشهادة) بما
يجعله أدبا بما يحمل من رؤى فكرية وحضارية وفنية. لم ينس كنفاني الأدب وهو في خضم تدوين شهادته ومقاومته فأقدم الكسان على قتله في لبنان . ومن الأدباء الشهداء الشاعر كمال ناصر ومن أعماله الشعرية مجموعة قصائد «جراح تغني»، وملحمة بعنوان «أنشودة
الحق» غنى فيها للوحدة العربية، ومجموعة شعرية بعنوان «أناشيد البعث»، وديوان «أغنيات من باريس». كما كتب ثلاث
مسرحيات هي «التين» و»مصرع المتنبي» و»الصح والخطأ». وكانت كل أدبياته في مواجهة الصهيوني التي أقدمت على قتله .. وأطلق عليه ضمير الثورة الفلسطينية ودفن إلى جانب غسان كنفاني حسب وصيته . من شعر كمال ناصر : رأى الظّلمَ يُدمي رُباه فثارَ إلى
مبتغاه وكانَ شهيداً، وكلُّ شهيدٍ إله تسامى، فلوّن معنى الصّلاة وعمّق من وحيِها وابتكرْ فسالتْ نضالاً دِماه أما شهداء الحرب
الإرهابية فكانوا في روايات وأدبيات مختلفة كما هو الحال في نصوص الشاعر محمد خالد الخضر أغلبها وروايته ربيع الذئاب
التي جاءت بكثير من المواجع . وبما أننا نعيش الحرب بتفاصيلها ظهرت على الساحة الأدبية أقلام الأدباء الذين قاوموا بلغة الحق والانسانية ووثقوا كتاباتهم التي تداولتها القصة والرواية والشعر وأدب النقد المقاوم ليوصلوا رسالة هامة للعالم كله الذي أجمع بكثير من التصريحات إن كان ورقيا أو إلكترونيا..أن سورية برجالها الأبطال قد أثبتت أن الحق لايموت في أرض كلها ارتوت بدماء الشهداء ..حتى بلون الخوخ والرمان ورائحة ياسمينها الذي بقي شامخاً في وجه العدوان.
العدد 1188 –7-5-2024