الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
الكتاب الورقيّ نافذةٌ هجرها أهلها، فلم تعد مساحة الغيم على امتداد البصر تعجب ناظريها، بعد الانفتاح المبهرعلى عالم كلّ ما فيه مدهش وجميل وحالم، عالمٌ رقميٌ نتصفّحه خلف شاشات الجوّال أينما كنّا، وعندما نقول كتاباً يتبادر إلى الذّهن الكتاب الأول الذي جذبنا ونحن صغاراً بألوانه وأشكاله ورسوماته والذي بات أيضاً لا يبهر أطفالنا بقدر تلك الشاشات الملتصقون بها ليل نهار.
لابدّ من الاعتراف أن بعد أربع سنوات من جائحة كورونا قد سحب العالم الرقميّ وممولوه البساط من الكتاب الورقي بكلّ بساطة ومن عالم الورقيّات ككل، اختفت الجائحة ولا نزال أسيري الكتب الليزرية والمتصفّحات الرقميّة التي أقعدت الكتاب الورقيّ جانباً، فتنحيّنا خجلاً منه، واليوم نحتفي بشهر الكتاب الذي ما إن تقتنيه في منزلك حتى تهديه إلى صديق قارئ أو زائر أعجبه الغلاف أو العنوان، فقلّما يغريك تجميع الكتب كما كان سابقاً عهد الثقافة والرفاهيّة، اليوم بات الكتاب وحيداً في أمّة لا تقرأ، تفضّل قراءة ألف حالة فكريّة عابرة لأصدقاء فيسبوكيين على أن تقرأ مقطعاً من كتاب، بحجّة ضيق الوقت الذي كلنا رهن إشارته، وبالعودة للطفولة، نثني على مسابقة تحدّي القراءة التي تعد نوعاً من أنواع الحلول في استقطاب الجيل الجديد لقراءة الكتب الورقيّة وفهم محتواها وإدراك كل كلمة تُقرأ وتعميم المسابقة إلى مستوياتٍ دوليّة وهو خير ما تقوم به الدول التي تؤمن بالعروبة وأنّ الكتاب الورقي أداة من أدواتها لا يمكن الاستغناء عنها، رغم حرب الوجود التي تدور بين عالم رقميّ وعالم ورقيّ يشغل كلّ الحواس وأنت تتصفحه وهو بين يديك.
العدد 1190 –21-5-2024