الثورة – دمشق – مازن جلال خيربك:
أكد مصرف سورية المركزي أن البنوك المركزية ومنذ منتصف عام 2021 قامت برفع أسعار الفائدة على خلفية تصاعد التضخم، حيث أظهرت التجربة أن التشديد النقدي السريع يمكن أن يؤدي إلى ضغوط مالية.
ارتفاع التضخم محلياً
أما في سورية، فقد بيّن المركزي أن الأزمات والظروف والتوترات العالمية المختلفة بما فيها الأزمة الروسية الأوكرانية قد ساعدت على زيادة الضغوط التضخمية من جانب العرض، وذلك من خلال اضطراب أسواق السلع الأولية العالمية وضعف سلاسل التوريد، والذي انتقل بطبيعة الحال إلى الأسواق السورية دافعاً معدل التضخم المحلي إلى مزيد من الارتفاع، معتبراً أن من الضرورة بمكان اتخاذ المزيد من الإجراءات المتكاملة بما يضمن مواجهة التضخم وإعادة تفعيل حركه الإنتاج، بالنظر إلى أن الاستقرار المالي في سورية يشوبه العديد من المعوقات والمخاطر، ناهيك عن أن الاستقرار تأثر بشكل كبير بصدمات العرض العالمية والعقوبات الاقتصادية مضافاً إليها العوامل المحلية وتقلبات سعر الصرف.
وبحسب المركزي في دراسة له حول “التشديد النقدي ومحركات التضخم والضغوط المالية” فقد درست ورقة أعدت لمصلحة بنك التسويات الدولية ما إذا كان تشديد السياسة النقدية يؤثر على الضغوط المالية بشكل مختلف اعتماداً على طبيعة العرض مقابل طبيعة الطلب على التضخم، أي أنها ركزت على بعد جديد وهو طبيعة تضخم العرض مقابل تضخم الطلب في ظل رفع أسعار الفائدة حيث استخدمت الورقة التوقعات المحلية لتقدير تأثير إجراءات السياسة النقدية المحددة عالية التكرار على مجموعة متنوعة من تدابير الضغط المالي مع التمييز في الوقت نفسه بين التأثيرات الحاصلة بناء على التضخم المدفوع بعوامل العرض المعاكسة مثل صدمات النفط والطاقة، أو اضطرابات سلسلة التوريد أو الصدمات التكنولوجية المعاكسة او التأثيرات المبنية على التضخم المدفوع بعوامل الطلب التوسعية.
مخاطر الاستقرار المالي
ووفقاً للمركزي في دراسته فقد أصبحت المخاطر المتعلقة بالاستقرار المالي تؤخذ بعين الاعتبار في عمليات صنع القرار في البنوك المركزية، مبيناً أن عدم الاستقرار المالي (والذي قد يمنع البنوك المركزية من تحقيق أهدافها الأساسية) من أهم الأسباب الكامنة وراء ذلك، بالتوازي مع أن السياسة النقدية قد تؤدي بمفردها إلى خلق ضغوط على النظام المالي عن غير قصد، وعلى سبيل المثال فقد يؤدي رفع سعر الفائدة لمعالجة الضغوط التضخمية إلى ظهور نقاط الضعف المالية القائمة والتي تؤدي إلى عدم الاستقرار المالي، ولكن ومن الناحية النظرية فإن نوع الضغوط التضخمية التي أدت إلى تشديد السياسة النقدية في المقام الأول، هو نوع يشكل عاملاً رئيسياً في تحديد المدى الذي يستطيع البنك المركزي من خلاله رفع سعر الفائدة دون تشكيل تهديد للاستقرار المالي، وعليه تتمثل المساهمة الرئيسية لهذه الورقة في التقييم التجريبي لما إذا كانت العلاقة بين التشديد النقدي وعدم الاستقرار المالي تختلف باختلاف طبيعة الضغوط التضخمية.
زيادة الضغوط المالية
وفي السياق نفسه وفقاً للمركزي، فقد وجدت الورقة أن الضغوط المالية تميل إلى الزيادة بعد وقت قصير من رفع أسعار الفائدة عندما يكون التضخم مدفوعاً بالعرض، ولكن ليس عندما يكون التضخم مدفوعاً بالطلب، حيث أن الحالة الأخيرة تظهر أن الضغوط المالية تميل إلى البقاء دون تغيير تقريباً، وتشير النتائج التي توصلت إليها الورقة إلى وجود توتر خاص بين استقرار الأسعار والاستقرار المالي عندما يكون التضخم مرتفعاً ومدفوعاً إلى حد كبير بعوامل العرض السلبية.