ألح عليّ صديق نشيط وشغوف بكل جُهد دعم التطورات التقنية التي تقوم في البلاد ..
قال: دعنا نفتح حساباً مصرفياً جديداً بأهم وأشهر وأكبر مصرف خاص حالياً ..
هذا المصرف.. التطبيق لديه (الأبليكشن) كثير سلس ومرن ومتطور ونستطيع أن ندفع فواتيرنا إلكترونياً عن طريقه. “وحاجتنا بقى .. حاجة” ..!!
فما كان مني إلا أن تحدثت مع مدير إقليمي بالبنك .. وهذا تصنيف إداري مصرفي ليس له علاقة بعقابيل التخلف في دول العالم الثالث والمتقدم مثل الإقليمية والطائفية والعشائرية وأمثال هذه القصص.. فالرجل قال انتقل للعمل في بنك آخر، لذلك قررنا التحرك إلى أقرب فرع للبنك.. رحبت بنا موظفة الاستقبال ..
وبعد قطع كوبون الدور جلسنا أنا وصديقي الشفوف بالبنك على كرسيين متقابلين أمام صبية لطيفة.. تقول في نفسك “يادوب أمها لسى مخلفتها”
بكل الأحوال .. بدأنا عمليات فتح الحساب الشاقة من عندي.. وللأمانة وجد لدي حساب من عام 2006.. أي من تلك الأيام لدي حساب في هذا البنك المتطور .. ولا أعرف .. لأن السيارة التي قسطتها في تلك الفترة لديها حساب بهذا البنك..
استكملت الصبية الأنيقة واللطيفة الإجراءات المميتة لتفعيل الحساب .. وبقيت حوالي النص ساعة، لإتمام كل المراحل ..
هنا جاء دور الصديق صاحب المبادرة كلها .. تنحنح وجلس مكاني .. وبعد العمل قليلاً على الكمبيوتر .. كانت المفاجأة بأن تقول له الموظفة لا يمكن إتمام العملية وفتح حساب لكم
“أوف” ما القصة..؟ ترد الموظفة هنالك ” تشابه أسماء”
أي هنالك اسم مشابه لاسمك ولديه حساب بالبنك وبالتالي لا يكمل النظام “السيستم” إجراءات فتح الحساب
بعد الأخذ والرد قالت موظفة البنك هذا أمر تقني لا يمكن التدخل فيه أو حله ..
في المتابعة العملية للقصة كشف مسؤول في الإدارة المتوسطة للبنك المذكور بأن الموضوع يعود لتعليمات من مصرف سورية المركزي بتحدد معايير وروائز للمصارف السورية العاملة حول طريقة التعامل مع قصة “تشابه الأسماء” ..
هنا عادت بي الذاكرة إلى سنوات سابقة وإلى جلسة نقاش رسمية حول معضلة تشابه الأسماء في سورية وصدر قرار في وقتها باعتماد الرقم الوطني كفاصل بين تشابه الأسماء وخاصة أننا جميعاً نحمل نفس اسم القبيلة عن الأب والجد.. وجد الجد.. وست الست .. هي الحالة القبلية المتوارثة والتي نؤمن بها جميعاً . وهذا من صلب عاداتنا.
موضوع “تشابه الاسم” هو معضلة في منع السفر والتوقيف والكثير من المعاملات في الدولة، أمّا أن يكون معضلة ومشكلة دون حل في فتح حساب مصرفي فهذا يتناقض مع كل الجهود الحكومية التي تقوم فيها وزارة الاتصالات ومصرف سورية المركزي للوصول لما يسمى “الشمول المالي” أو التحول الرقمي .. أوما تشاؤون من الأسماء.