من جماليات اللغة العربية أن الأوزان الصرفية للكلمات تدل على الكثير من المعاني فمن وزن فاعل نستبدل على التشاركية مثلاً ( واثب ..ناضل الخ ..) ومن وزن فعلل تهتدي إلى معنى عدم الاستقرار والثبات مثل : زلزل ..ثرثر..
ولكن ماذا لو تعطينا بعداً نفسياً لتكون مقياساً للحالة العقلية ..؟
ربما يصح ذلك ألا يقولون : المرء مخبوء تحت لسانه ..أو تكلم لأراك ..وغيرهما من الجمل التي تختزن الكثير من المعاني.
أمس على رصيف من أرصفة شوارع دمشق كنا نقف تحت فيء شجرة زنزلخت ننتظر سيارة العمل لتعيدنا إلى الجريدة ..
اقترب الشاعر المتأنق لباساً منا ..أعرفه جيداً ولكنه لا يعرف من كان معي دون مقدمات وبروح الاستفزاز بادر إلى استفزاز أحد الزملاء بوصف ظاهره المزاح لكنه ليس كذلك ..
ابتسم الزميل ورد بلطف جعلني أحسده عليه ..وكاد أنيق الثياب قميء اللسان أن يستمر في التهكم غير البريء لولا نباهة زميلة لنا كانت تقف معنا ..
قالت له: أليس هذا اعتداء نفسياً يحاسب عليه القانون وأنت من يهدد به دائماً ..نحن نشهد أنك تفعل ذلك ..
ابتلع الرجل لسانه ومضى وحالنا يقول: أناقة اللسان قبل أناقة الثياب لكن على ألا تكون نفاقاً ..الكلمة الطيبة صدقة في زمن ضاقت به كل أركان حياتنا ..فهل ينقصنا من ينكد علينا بما لا يمكن احتماله قد نعمل بمقولة (داروا سفهاءكم) لفترة ولكن طاقة الاحتمال لها حدود.
صحيح أنهم يقولون الكلمة الجميلة تخرج الأفعى من وكرها والأصح أن الكلمة العنيفة سيف حاد قد يكون قاتلاً ..اللسان أخطر الأسلحة مع أنه عضلة لا قوة لها إلا بما يأمر به العقل ومخزون المعرفة ..دعونا نغلق عشش (الدبابير) الذي قد تفتحه كلمة عابرة.