الملحق الثقافي- رولا محمد السيد:
«أنسام من فلسطين الشام» عنوان ديوان جمع أعمالاً شعرية حملت الهم السياسي والأمل بالعودة إلى أرض الآباء والأجداد.
صاحب الديوان كمال الحصان ليس ساسياً ومهندساً فحسب، وإنما هو شاعر وكاتب سياسي، وما أجمل اجتماع الصفتين في نفس واحدة، لتشكيل سيمفونية إبداعية رائعة.
الشاعر كمال الحصان، لا يأبه للوزن التقليدي المؤطر بقواعده المدرسية ؛ بقدر ما يهمه التعبير عن خلجات ذاته الطامحة لمعانقة الحلم الهارب والقبض عليه.
قصائد ديوان «أنسام من فلسطين الشام» كما تبدو مبنية على إيقاعات وجدانية ذات تفعيلات منتظمة على سلم الشعور، تراوح بين (مستفعل، وفاعل، وفعول)، دون أن ينتظمها خيط تفعيلي واحد، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشاعر مفطور على الإيقاع العفوي؛ لا على الوزن الخليلي المعروف، ومثال على ذلك قوله في قصيدة (أميرتي):
أميرتي القضية
أنت عنوان الرجوع
أنت ايمان الجموع
ثم ينتقل إلى تفعيلات بحر جديد في القصيدة ذاتها، فيقول:
لكن فجرك قادم رغم الذي
رموه في وجه الزمان
لتكوني في لعبة الكراسي
التاج والمخلوع
كمال الحصان في قصائد ديوانه (أنسام من فلسطين الشام) يطلق عنان مخيلته، بحرية تامة من خلال اسلوب فني مشرق العبارات .. واضح المفردات .. بعيد عن التكلف والصنعة، لأنه صاحب قضية، ويريد أن يوصل أفكاره إلى المتلقي واضحة كالشمس، وهو إلى جانب كونه مهندساً وشاعراً، فهو كاتب سياسي، انعكست ظلال السياسة على تعبيراته الأدبية، فاكسبتها عناصر الإقناع والاحتجاج الصارخ، غدت كأنها لافتات خطابية، ونبرات منبرية، تنطلق من قلب شاعر هضم حقه. واغتصبت أرضه، لكنه يرفض الإذعان والاستسلام.
أما خيال الشاعر في هذا الديوان فيتكئ على صور شعرية بسيطة مبنية على المشبه والمشبه به، واشتراكهما معاً في صفة واحدة..
ولم يجنح إلى الصور التركيبية، لكونها تنأى بالملتقي عن المعنى وتأخذه الى مفازات الغموض.. ومن صوره الجميلة: تشبيهه الحلم بأرجوحة حين قال:
يا حلمي الذي وسدته النجم قريرا
فآب من رحلته وعاد
علقته أرجوحة في روضتك ..
والشاعر في ديوانه هذا كتب قتب قصائده خلال فترات عمره وهي تؤكد أنه شاعر مبدع بحق، أجاد البوح بمكنونات نفسه بطلاقة حرة، واستطاع عبرها أن يتسلل بشعره إلى أعماقنا لينعشنا بجمال شكله وألق معانيه ورهافة أحاسيسه.
العدد 1193 – 11 -6-2024