الثورة – دمشق – علا محمد:
في اليوم الثاني من المؤتمر العلمي “الوراثة الجزيئية وتطبيقاتها السريرية”، ظهرت مساهمة مميزة في المؤتمر، وهو بحث علمي طموح مسجل من قبل الباحثة السورية المقيمة في إيطاليا ساندرا سهيل عبد اللطيف، الحائزة على إجازة في العلوم التطبيقية وماجستير في علوم الأحياء الجزيئية من الجامعة اللبنانية الأميركية، ودكتوراه في علم الأعصاب التجريبي من جامعة سان رافييلي الايطالية- ميلانو.. هذا البحث الذي يحمل عنوان “استخدام الخلايا الجذعية المبرمجة في معالجة الأمراض العصبية التنكسية” فتح باباً جديداً من الأمل والإمكانيات في مجال الطب الحديث.
وباتصالٍ معها من “الثورة” عبر الانترنت قدمت الباحثة المقيمة في إيطاليا إجابات مستفيضة حول الدوافع وراء بحثها والتحديات التي واجهتها والتقدم الذي يمكن أن يحدثه في علاج الأمراض العصبية التنكسية.
الاتصال أتاح لنا نظرة عميقة على العمل الجاد والشغف الذي يدفع العلماء لتجاوز حدود المعروف تمثل حجر الزاوية في تغطيتنا للمؤتمر وتسلط الضوء على الإسهامات القيمة التي يقدمها العلماء السوريون في المهجر للمجتمع العلمي العالمي.
وعرفت الباحثة عبد اللطيف عن بحثها بقولها: البحث الذي قدمته اليوم في المؤتمر كنت قد بدأت العمل عليه على مدار ٣ سنوات، وهو يركز على مرض اسمه ” التصلب المتعدد”، وهو مرض عصبي تنكسي، أسبابه غير معروفة، والمريض في هذه الحالة يمر بحالات من الشلل أو العمى، وتكون هذه الحالات مؤقتة حسب عوامل متعددة فتؤثر على حياة المريض بشكل كبير.
وبينت أن البحث يتضمن علاجا من خلال زرع خلايا جذعية كثيرة القدرة المستحثة بعد سحب الخلايا النجمية، منها وهي خلايا جسدية من المريض نفسه فلا تسبب سرطانات عند الزرع، فعندما تمت التجارب باستخدام حيوانات تظهر عليها نفس أعراض مرض التصلب المتعدد وبعد الزرع لاحظنا أن هذه الحيوانات تجاوبت بشكل إيجابي وكبير، وأصبحت في حالة تحسن مقارنة مع حيوانات لم تعالج وكانت كنتيجة عامة للبحث وهو قيد الدراسة للآن لم يتم إطلاقه بعد.
وبعد استفسارنا أكثر عن ماهية هذه الخلايا واستخداماتها في العلاج، أوضحت الباحثة أن الخلايا الجذعية كثيرة القدرة المستحثة “ipsc” هي نوع من الخلايا الجذعية كثيرة القدرة التي يمكن توليدها مباشرة من خلايا جسدية وما يفرقها عن الخلايا الجذعية أنه عند العلاج لا يضطر المريض لأخذ مثبطات للمناعة التي يمكن أن تسبب له مضاعفات أخرى أثناء العلاج لأنها مسحوبة من خلايا جسدية من المريض نفسه.
وكمثال للعلاج لهذه الخلايا الجذعية، كثيرة القدرة المستحثة، أنه في الصين تمت معالجة داء السكري عن طريق هذه الخلايا، وكان بمثابة إعجاز علمي لم يصل له أحد قبلهم.
وأشارت إلى أن هذه الخلايا يتم استخدامها على طريقتين في البحوث العلمية للكشف عن علاجات لأمراض متعددة عن طريق سحب خزعات من خلايا مصابين بأمراض مختلفة، كداء السكري والزهايمر والأمراض العصبية وخاصة التنكسية، وهذا ما ركزت عليه في بحثها، فمسببات الأمراض العصبية التنكسية لا تعود لمسببات جينية أو مسببات لها علاقة بالبيئة، بل هي تجمع بين كل تلك المسببات، أي بسبب جيني وعوامل بيئية محيطة بالمريض، وعلى هذا فإن تلك الأمراض حتى الآن لم يتوضح سببها الأساسي، لذلك هناك صعوبة في العلاج، وهذا ما يجعله من التحديات الكبيرة في الطب وطريقة العلاج تكون عن طريق نقل هذه الخلايا الجزعية إلى الأماكن المصابة، ففي حالة الأمراض العصبية التنكسية يكون النقل أي زرع هذه الخلايا في الدماغ والعمود الفقري وهو علاج آمن لا مضاعفات له.
أما عن احتمال وجود مخاطر مستقبلية لاستخدام الخلايا الجذعية في العلاج، أكدت الباحثة عبد اللطيف أنه إذا كانت الخلايا بحالة كثيرة القدرة على الاستحاثة يمكن على الأمد الطويل أن تسبب أنواعا من “السرطان” ولكن الشيء الإيجابي المرتبط بهذه الخلايا أننا نستطيع تحويلها لأي خلية جسدية مثل الخلايا العصبية والنجمية، هذا يعني أنه عندما يتم زرعها يزول خطر الإصابة بالسرطان بعد المعالجة لفترات طويلة.
ولاقى البحث بعد عرضه في المؤتمر اهتمام الأطباء والباحثين، فقد عبرت اختصاصية النسائية الدكتورة علا محمد السيد حسين عن فخرها بما قدمته الباحثة ساندرا عبد اللطيف، ووصفت إلقاءها بالمميز، وأن لغتها الطبية نقية، وقالت: أدت بحثاً عن دور الخلايا النجمية كأداة علاجية في التصلب المتعدد وتناولت عدة مقارنات وأدوات بحثية كثيرة مع النتائج والخلاصات المفيدة، وأظهرت الباحثة وغيرها من الزملاء المشاركين تميز الطبيب السوري أينما وجد، وأنه يشكل علامة فارقة في العالم أجمع وأنه إضافة لا يمكن للعلم أن يتخطاها.