يقوم النهج الإسرائيلي والفلسفة السياسية عند قادة الكيان الصهيوني على قاعدة التفاوض أمام الإعلام والتآمر خلف الأبواب المغلقة وبالعودة للفترة الواقعة منذ السابع من أكتوبر ومعركة طوفان الأقصى وحتى هذا التاريخ يلحظ المتابع للآلية التي اتبعها ساسة وقادة ذلك الكيان الإجرامي في التعاطي مع الجهد الدبلوماسي الذي ينصرف نحو وقف إطلاق النار والوصول إلى اتفاق مع المقاومة الفلسطينية عبر الجهود التي بذلت من أطراف إقليمية ودولية أن سلطة الكيان الإجرامي والإرهابي قد استدعت كل ميراثها في التمرد على القوانين الدولية والتنصل من الاتفاقيات والالتزامات الدولية وباتت تشعر أنها في مكان مختلف داخل خرائط العالم والإقليم وبعيدة عن الفصل السابع.
والسؤال على ماذا تستند “إسرائيل” في هذا التمرد ولماذا تشعر أنها فوق القانون.. والجواب بالتأكيد هو داخل أروقة البيت الأبيض لأن الجواب مكلف للغاية؟ لقد رفض قادة الكيان الصهيوني منذ بن غوريون وحتى الآن ومن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار الأيادي العربية الممتدة إليهم بهدف السلام من قمة فاس إلى بيروت 2002 وقبلها اتفاقية أوسلو ورفضوا فكرة الأرض مقابل السلام أساس مؤتمر مدريد.
كل هذا التنازل العربي قابلته تل أبيب بالرفض المعتاد تاريخياً فهل من المعقول أن ينتفض العالم بالكامل لما ترتكبه من جرائم بحق أهالي غزة والضفة وإبادة جماعية ومع ذلك تصم آذانها وتتمادى في غيها وتستمر بارتكاب أفظع الجرائم دون رادع دولي أو أخلاقي بل انها تتحدى وتشككك في دوافع المؤسسات القضائية الدولية سواء محكمة الجنايات الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية وتشن هجوماً ضارياً عليهما وتتهمها بالعداء للسامية وكراهية اليهود وهي اتهامات جاهزة لكل من يقف في وجه عدوانها وإجرامها ؟.
إن تفسير ذلك نجده في مطابخ السياسة الأميركية الحامي والحامل لذلك الكيان منذ استزراعه في المنطقة وحتى الآن بوصفه أداة وظيفية للقوى الاستعمارية التي ناصبت العداء للأمة ونهبت خيراتها واستعمرت بلدانها وحالت دون وحدتها القومية فهذا الكيان الدخيل على المنطقة ثقافة وتاريخاً وبنية لم يستطع ان يفرض وجوده بالمنطقة لا بالقوة العسكرية ولا عبر ما سمي سياسة التطبيع التي رفضها الشارع العربي رفضاً قاطعاً إضافة إلى فشل كل محاولات (إدماجه) في المنطقة ما جعله حالة وواقعاً وليس حقيقة شرعية قائمة ومقبولة ما جعله يتفنن في أشكال عدوانه وإجرامه ويظهر حقيقته العدوانية أمام شعوب العالم ليكون منبوذاً على كافة المستويات بما في ذلك الرأي العام العالمي ويتعرى أمام المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والقانونية وغيرها.
إن الصمود الأسطوري الذي أبدته المقاومة الفلسطينية والشعب العربي الفلسطيني ولاسيما في غزة وكانت تكلفته البشرية والمادية مرتفعة الثمن إلا أن النتائج الاستراتيجية وما تحقق من نتائج على كافة المستويات كان بمستوى تلك التضحيات الجسيمة حيث سقطت كل الأقنعة عن ذلك الكيان الذي استطاع عبر سطوته الإعلامية وتحالفه مع قوى الشر في أميركا وأوروبا أن يضلل الرأي العام الغربي ويقدم ويوطن صورة كاذبة في الوعي الجمعي في تلك البلدان من خلال ذلك الاحتكار الإعلامي الذي استطاع الإعلامي المقاوم والمهني والصادق وشبكات السوشل ميديا والتواجد العربي والإسلامي وأحرار العالم في دول الغرب كسره وتقديم السردية الصحيحة والصورة الواقعية الأمر الذي أحد أهم اسباب التحول في الرأي العام العالمي وبالتالي قواه السياسية.
لقد أصبح العالم أمام حقائق وصورة جديدة للصراع في المنطقة رافقه تغير في موازين القوى وعلى كافة المستويات فلم تعد القوة الغاشمة هي الفيصل في الصراع وإنما إرادة القتال والتمسك بالحقوق والأرض والقدرة على التحمل والاحتكام للرأي العام العالمي والحلفاء في العالم ولاسيما دول الجنوب وأنصار الحرية والكرامة الإنسانية ما يؤدن بزوال زمن الهيمنة والظلم وانتهاك حقوق الشعوب وحقها في الحرية والاستقلال والسيادة.

السابق
التالي