الصهيونية والعلاقة مع الغرب

خلف المفتاح:

يمكن تعريف الصهيونية بأنها دعوة اليهود للاستيطان في فلسطين وإقامة دولة يهودية فيها، إعمالاً لمقوله إنها أرض شعب الله المختار وهنا لابد من إعطاء صورة للمتابع عن وضع اليهود في العالم مع الإشارة إلى أن العرب المسلمين قد فتحوا هذه الأرض منذ أكثر من ألف وأربعمئة سنة بعد أن كانت تحت السيطرة البيزنطية تلك الإمبراطورية التي امتدت على جغرافيا واسعة شملت قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، ولمدة تزيد على تسعة قرون واستطاع العرب المسلمون هزيمتها في معركة اليرموك وتحرير العرب من سيطرتها بعد قيام الدولة الإسلامية في المدينة بستة عشر عاماً” فقط بعد أن تم قبل ذلك بست سنوات هزيمة الإمبراطورية الفارسية في معركتي النهاوند والقادسية واستكمال تحرير بلاد الشام والعراق من الاحتلالين الفارسي والروماني البيزنطي.
لقد كان اليهود بعد خروجهم من الشرق بعد طردهم وسبيهم من الآشوريين والبابليين والرومان جماعات جوالة في الغرب ترتبط بمهن تعطيهم مكانة اقتصادية واجتماعية وأحياناً” سياسية فكانوا تقريباً منتشرين في العديد من دول العالم وبقيت أقلية منهم في فلسطين وبعض الدول العربية ولاسيما المغرب واليمن والعراق، فالوجود اليهودي في المنطقة العربية كان قليلاً جداً ولا يذكر وبعد ذلك بدؤوا يتحركون بوصفهم جماعات متماثلة ليشكلوا تجمعاً في مجتمعات غربية متشكلة طبقياً لا تستطيع طبقة تجاوز وصفها ووضعها إلى طبقة أخرى، الملوك وهم النبلاء والأقنان وهم عبيد الأرض والمقاتلون لا يتاح لأي شخص الانتقال من طبقة إلى أخرى، فالفلاح يرث عن أبيه أنه فلاح، والفارس والنبيل يرث مكانة أبيه وكان كل شخص أو جماعة تريد التحرك من مكان إلى آخر تحتاج لإذن، فكانت فكرة ثبات الناس مكانياً وزمانياً وسيلة للسيطرة على المجتمع وتفاعلاته السياسية، الجماعة الوحيدة التي كانت تخرج عن هذه القاعدة هم اليهود لأنهم كانوا جماعات متعلمة وسط مجتمعات جاهلة وأمية فهم متعلقون بالتوراة ويعلمون أبناءهم القراءة والكتابة بوصفها شعيرة وواجباً دينياً فأصبح اليهود كتبة في دواوين الملوك إلى درجة أنهم احتكروا وظيفة السفراء في أوروبا لما يزيد على مئة عام إلى درجة أن سفير الملك أي ملك كان يهودياً فأصبحت هذه الحالة شبكة نفوذ يهودي في أوروبا إلى درجة أن بعض الملوك بدؤوا يستخدمونهم جواسيس لهم في بلدان أخرى ما شكل صورة انطباعية عنهم بأنهم جواسيس مع ما فيها من مظلومية لعموم اليهود.
وهنا نتذكر ما كان لليهود من مكانة سياسية واقتصادية وثقافية في العصر الأندلسي دون أي تحامل أو اضطهاد لأن المجتمع العربي الإسلامي لم يقم على قاعدة العداء لليهود على الإطلاق وثمة شهادة في ذلك وردت على لسان وزير خارجية “إسرائيل” في ستينيات القرن الماضي وهو ابا ايبان إذ قال: لقد عاش اليهود عصرين ذهبيين عبر تاريخهم في الأندلس إبان العصر الإسلامي وراهناً في الولايات المتحدة الأميركية.
لقد حمل اليهود في المجتمعات المسيحية الصورة الانطباعية بأنهم قتلة المسيح على عكس الرواية الإسلامية ولكنها في خطاب المسيحية واقعة مركزية ولم تتبدل هذه الصورة إلا مع مارتن لوثر المصلح البروتستانتي سنة 1516 الذي قام بما يمكن تسميته عملية تطبيع بين اليهودية والمسيحية فحتى ذلك التاريخ لم يجرؤ أحد على طباعة العهدين القديم والجديد في كتاب مقدس ولم يحدث ذلك إلا في عهد البروتستانتية حيث بدأت الصلة الحقيقية بين المسيحيين والتوراة وترافق ذلك مع عامل آخر وهو اختراع المطابع الذي أتاح للمسيحيين الاطلاع عى كتابهم المقدس الذين لم يكونوا يسمعون منه سوى بعض المقتطفات في عظة الكنيسة كل يوم أحد ولا يملك اقتناء الإنجيل إلا الأثرياء لجهة ارتفاع ثمنه بسبب النسخ وكانت هذه لحظة مفصلية في تاريخ أوروبا لأنه بعد ذلك تمت طباعة العهدين مع بعضهما البعض تحت مسمى الكتاب المقدس فانفتح المسيحيون على قراءة التوراة مع تغير صورة رجل الدين المسيحي عند مارتن لوثر إضافة إلى مسألة على درجة من الخطورة عند لوثر وهي أنه لابد من قيام دولة لليهود في فلسطين الأرض الموعودة وبناء الهيكل تسبق عودة المسيح المنتظر  مع الإشارة إلى أن هذا التصور مقتصر على الكنيسة البروتستانتية وليس الكاثوليكية التي رفضت فكرة عودة اليهود إلى فلسطين إلا حجاجاً فقط كانت ثمة جفوة ما بين الكيان الصهيوني وبابا الكنيسة الكاثوليكية ولم تبرئ الكاثوليكية اليهود من دم السيد المسيح على عكس ما يدعى بما أقره مجمع كاثوليكي عالمي كبير سنة 1964 وأصدر إعلاناً أثار جدلاً كبيراً في العالم شعبياً اعتبر أنه برأ اليهود من دم السيد المسيح ولكنه في الحقيقة لم يبرئ اليهود من دم المسيح ولكنه برأ اليهود المعاصرين من ذلك وقال إن المسؤولية الأخلاقية والدينية يتحملها اليهود الذين عاصروا ذلك التاريخ أي ولادة ونزول السيد المسيح ولكن الحقيقة أن الكنيسة الكاثوليكية لديها موقف أصولي من الصهيونية وهذا ثابت تاريخياً.

وبالعودة إلى موقف الغرب الثقافي من المنطقة بعيداً عن دورهم في إقامة الكيان وهي تقوم على قاعدة أن قوة الغرب تكمن في ضعف الشرق المسلم والعربي وهذه قاعدة مركزية يزيد عمرها على عشرة عقود فقوتنا في ضعفهم وهذه مسألة خطيرة من المهم أن نقف عندها في تحليل مواقف الغرب على خلافاته من قضايانا فهذا يدخل الغرب في صراع عبثي معنا نحن العرب فمرة يتذرعون باستعادة القدس وكنيسة القيامة وأخرى بعودة اليهود إلى فلسطين أرضهم الموعودة فثمة مسار مزدوج يتبناه الغرب أحدهما بالنظر إلى الإسلام والمسلمين وآخر بعقدة التفوق ورسالة الرجل الأبيض وانحيازهم الأعمى للكيان الصهيوني  ولاسيما في الصراع القائم وما وجده الإجرام من درجة تقبل على المستوى السياسي عند الغرب إلى درجة تبني الرواية الإسرائيلية في تفسير ما جرى في معركة طوفان الأقصى، من هنا تبرز الحاجة إلى تنبيه الغرب على الأقل سياسياً من خطورة هكذا سياسات قاتلة ومدمرة لا تبشر  بمستقبل واعد أو تفاعلي تحت أي مسمى سواء أكان حوار الحضارات أم غيره إن لم يقم بمراجعة عميقة وعقلانية لعلاقته مع الصهاينة صنيعته التاريخية ومشكلته التي قذف بها إلى الجغرافيا العربية وتصحيح علاقته مع العرب جواره التاريخي وضرورته للاستقرار وبناء عالم جديد يقوم على الشراكة والتفاعل لا الاستئثار والإلغاء وهذا تحد حقيقي أمام ساسته ومطابخ القرار فيه.

آخر الأخبار
حوار جامع ومتعدد أرباحه 400%.. الفطر المحاري زراعة بسيطة تؤسس لمشروع بتكاليف منخفضة المحاصيل المروية في القنيطرة تأثرت بسبب نقص المياه الجوفية الخبير محمد لـ"الثورة": قياس أثر القانون على المواطن أولاً قوات الآندوف تقدم خمس محولات كهربائية لآبار القنيطرة إحصاء أضرار المزروعات بطرطوس.. وبرنامج وصل الكهرباء للزراعات المحمية تنسيق بين "الزراعة والكهرباء" بطرطوس لوقاية الزراعة المحمية من الصقيع ٥٥ ألف مريض في مستشفى اللاذقية الدوريات الأوروبية الإنتر وبرشلونة في الصدارة.. وويستهام يقدم هدية لليفر روبليف يُحلّق في الدوحة .. وأندرييفا بطلة دبي مركز متأخر لمضربنا في التصفيات الآسيوية هند ظاظا بطلة مهرجان النصر لكرة الطاولة القطيفة بطل ودية النصر للكرة الطائرة مقترحات لأهالي درعا لمؤتمر الحوار الوطني السوري "أنتم معنا".. جدارية بدرعا للمغيبين قسراً في معتقلات النظام البائد جيني اسبر بين "السبع" و"ليالي روكسي" هل نشهد ثنائية جديدة بين سلوت (ليفربول) وغوارديولا (مان سيتي)؟ مواجهة مرتقبة اليوم بين صلاح ومرموش تعادل إيجابي بين الأهلي والزمالك دراما البطولات (التجميلية)