الثورة – منهل إبراهيم:
أجمع مراقبون على أن صعود “اليمين المتطرف” في الاتحاد الأوروبي والعودة المحتملة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للسلطة، سيشكلان منعطفاً للحرب في أوكرانيا، لاسيما الدعم الغربي لكييف في وجه التقدم الروسي، وذلك رغم وجود “خطط استباقية” تم وضعها خصيصا تحسبا لمثل هذا السيناريو.
ويثير صعود التيارات الشعبوية في أوروبا قلقا حول مستقبل الدعم المقدم لأوكرانيا، سياسياً وعسكرياً، لمواجهة التقدم الروسي. يفسر هذه المخاوف، التقدم الكبير الذي حققته أحزاب اليمين المتطرف خلال الانتخابات الأوروبية الأخيرة التي جرت بين 6 و9 حزيران.
ففي فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا، حققت هذه التيارات الفوز في الانتخابات، فيما عزّز الهولنديون موقع حزب خِيرت فيلدرز الذي حل ثانيا بنسبة 16.97 بالمئة
ويشكل هذا الاتجاه القومي الذي يتقدم في البرلمان الأوروبي خطورة كبيرة على أوكرانيا بحسب محللين، لمدى قرب العديد من هذه الأطراف مع الكرملين ومن الواضح أن هذا لا يجعل مهمة نظام زيلنسكي سهلة.
إن الانتخابات الأوروبية استقطبت كثيراً من الاهتمام الروسي رغم أن القضية كانت تعتبر ثانوية لدى الأوكرانيين، وموضوع الانتخابات الأوروبية حظي باهتمام واسع في وسائل الإعلام والدوائر السياسية على مستوى العالم.
ولعل أبرز ما يثير قلق النظام الأوكراني الروابط المالية المفترضة بين بعض الجماعات اليمينية المتطرفة الأوروبية وروسيا، والتي أثارت في السابق كثيرا من الجدل، في النمسا وفرنسا وألمانيا.
لاشك أن مسألة دعم أوكرانيا مازالت مستمرة، والتحرك داخل الأروقة السياسية الأوروبية مع هذا التغيير (صعود اليمين المتطرف) يضع أوكرانيا كنقطة فاصلة، يتزامن ذلك أيضاً مع التغير المتوقع بالولايات المتحدة في حال وصول الجمهوريين بقيادة (دونالد ترامب) مرة ثانية إلى السلطة.
ويؤكد مراقبون وجود خطط استباقية لمواجهة مثل هذه المخاوف، مثل القمة الأوروبية المنعقدة مطلع العام الجاري في بروكسل والتي أقرت مساعدات مالية لأوكرانيا بقيمة 54 مليار يورو، وكذلك صندوق اقترحه حلف شمال الأطلسي مسبقاً ويمكن الاعتماد عليه حتى في احتمال عودة ترامب أو صعود اليمين المتطرف، ومن ثم فإن هذه الإمدادات المالية والعسكرية لازالت مستمرة ولا يمكن عرقلتها.
إذن هنالك خطة مالية وإنتاج للأسلحة وهناك رؤى لبعض الدول الأوروبية أن تدفع بانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، ودول الناتو تعمل بشكل جدي لجعلها عضوا في الحلف”، لكن عرقلة دعم أوكرانيا قد يطيح بالنظام الأوكراني الذي تتعاظم خسائره في الحرب يوماً يعد يوم.
لكن الثابت أن وصول التيارات الشعبوية إلى السلطة في دول أوروبية كثيرة قد يتسبب في فقدان مسألة أوكرانيا أولويتها، وهو ما يعني وجود تناغم ما بين التغير الحاصل في السياسة الأوروبية والتغير المحتمل المقبل في واشنطن، وربما تتحول قضية أوكرانيا إلى مجرد مادة في السياسة الداخلية باعتبار أنها أصبحت أقرب إلى فكرة حرب الاستنزاف بما في ذلك الاقتصادي، إلى جانب انعكاساتها الأمنية والمجتمعية.
على الصعيد الأمريكي، لم يتوان ترامب خلال تجمع انتخابي في كارولاينا الجنوبية مطلع شباط، الإعلان عن أنه قد “يشجع” روسيا على مهاجمة الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي التي لا تفي بالتزاماتها المالية في حال عودته إلى البيت الأبيض بعد انتخابات تشرين الثاني.
وينتقد ترامب بانتظام حلفاءه في التحالف العسكري لعدم تمويل المؤسسة بشكل كاف، وهدد مرات عدة بالانسحاب من التحالف في حال عودته إلى البيت الأبيض، وهو ما يثير قلقاً كبيراً حيال مصير الدعم الأمريكي للنظام الأوكراني.