الثورة – نورما الشيباني :
تؤمّن الزراعات الشتوية في محافظة طرطوس سلّة غذائية متكاملة، وهي مصدر دخل لكثير من الأسر، لكنها تواجه العديد من التحديات والصعوبات، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة ومتغيرة.

في استطلاع أجرته مراسلة صحيفة الثورة في طرطوس، لرصد آراء المزارعين في هذا الموضوع، أجمع عدد ممن التقيناهم على تراجع الزّراعة بشكل عام، والشّتوية بشكل خاص، بسبب غياب الدّعم والرّعاية والانفلات الكارثي لأسعار المستلزمات في الأسواق، وتحكم تجار السّوق السّوداء بهم، مع غياب الخطط المدروسة لهذه الزراعات.
تفوق قدرة المزارعين
وبيّن المزارع حسين شعبان أن الزّراعة الشّتوية تحتاج لتوفر أنواع محددة من الأسمدة والمبيدات، لكن أسعارها في الأسواق مرتفعة، وتفوق قدرة المزارعين في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وحين اللجوء إلى المصرف الزراعي، يكون سعرها مرتفعاً أيضاً، إن وجدت.
واقترح أن يكون هناك عمل جاد لتأمين هذه المستلزمات من قبل الجهات المختصة، والسعي لتوفرها بأسعار مناسبة، وذلك لدعم الفلاح.
حاجة لخطط مدروسة
كما أشار إلى أهمية وجود خطط مدروسة للزراعة وتنوع المحاصيل، لأن هذه الزّراعات تواجه انتشار محصول معين وتراجع محاصيل أخرى لأسباب عدة، أهمها ارتفاع سعر محصول معين، ما يدفع المزارعين جميعاً إلى زراعته، وهذا ما يسبب فائضاً منه ويتراجع سعره، إضافة إلى غياب محاصيل مهمة أخرى، وهنا يكمن دور الجهات المسؤولة في وضع الخطط المناسبة.
وأكد المزارع محمد غانم أهمية توافر البذار في وقت مبكر، وعدم ترك الفلاح يواجه جشع السّوق السّوداء.
وهذا يندرج على الأسمدة وأهمية تأمينها، بالإضافة إلى أهمية وضع حل لارتفاع أجور الحراثة والنقل، بحيث تقوم الجهات المعنية بتأمين ودعم المحروقات “المازوت الزراعي”.
كما لفت غانم إلى أن الزراعة الشتوية تواجه في الشتاء ظروفاً جوية صعبة، تؤثر عليها بشكل كبير، ومن هنا لابد من إيجاد طرق وقائية تساعد المزارع في حماية محاصيله وتعويضه عن الخسائر.
مدير الزّراعة في طرطوس المهندس حسن حماده، أوضح أن خطة المديرية للزراعات الشّتوية المقررة لعام 2025 – 2026 أدرجت محصول القمح بمساحة إجمالية 13200 هكتار، والشّعير بمساحة 550هكتاراً، والبقوليات 517 هكتاراً، إضافة إلى محاصيل علفية ( علفية – بقولية ) بمساحة إجمالية 325 هكتاراً، والبطاطا الرّبيعية بمساحة إجمالية 2600 هكتار، والخضار الشتوية بمساحة 1678 هكتاراً.
الزراعة ستتأخر
وأوضح حماده أن مركز إكثار البذار والمصرف الزّراعي لم يحددا سعر البذار بالنسبة لمحصول القمح الشتوي حتى تاريخه، وبالتالي فإن عملية البيع متوقفة، وهذا ما سيؤدي إلى تأخر الزّراعة.
ولفت إلى أن متطلبات الزّراعة متوفرة، لكن بأسعار مرتفعة، وأهم الصّعوبات التي تواجه الزّراعات الشّتوية ارتفاع أجور الحراثة وغلاء المحروقات ” المازوت الزّراعي”.
ونوّه بأن موسم الزّراعة الشّتوية لم يبدأ، باستثناء الخضار الخريفية التي تعد زراعة تكثيفية للموسم الماضي.
خطة للدعم
من جانبه، أكدّ رئيس اتحاد فلاحي طرطوس، المهندس رائد مصطفى، أن هناك خطة متكاملة لدعم وتنظيم الزّراعة الشّتوية في المحافظة، بالتعاون مع مديرية الزّراعة والجهات المعنية.
تركّز الخطة على تأمين مستلزمات الإنتاج للفلاحين وتشجيعهم على التّوسع في الزّراعات الشّتوية التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي، وزيادة الدّخل الرّيفي، ولاسيما المحاصيل الاستراتيجية والخضراوات الشّتوية.
ولفت مصطفى إلى أن معظم احتياجات الزّراعة الشّتوية من بذار وأسمدة ومبيدات متوفرة عبر فروع المؤسسة العامة لإكثار البذار والمصارف الزراعية والجمعيات الفلاحية، ويتم العمل على معالجة أي نقص محتمل بالتنسيق المستمر مع وزارة الزّراعة واتحاد الفلاحين العام لضمان وصول المواد في الوقت المناسب وبأسعار مقبولة.
وأكد مصطفى أن أكثر الصّعوبات التي تواجه هذه الزّراعة، تتركز في ارتفاع تكاليف الإنتاج، وصعوبة تأمين المحروقات اللازمة للري والتدفئة، بالإضافة إلى بعض التّحديات المرتبطة بتقلبات الطّقس ونقص المياه في بعض المناطق.
ويعمل الاتحاد على مواجهة هذه الصّعوبات من خلال التّنسيق مع الجهات المعنية لتأمين الدّعم اللازم، وتشجيع استخدام أساليب الري الحديثة وترشيد استهلاك الموارد المائية، إضافة إلى تعزيز دور الجمعيات التعاونية في تأمين الخدمات للفلاحين.