الثورة – ترجمة ختام أحمد:
التنوع والاختلاف يشكلان القاعدة والوجود الموضوعي للسياسة العالمية، ولقد كانت كيفية التعامل مع تنوع العالم تشكل دوماً مشكلة صعبة في السياسة الدولية. ولقد عملت منظمة شنغهاي للتعاون، التي ظهرت على الساحة السياسية العالمية بعد الحرب الباردة، على استكشاف وتقديم أفكار جديدة لحل هذه المشكلة من خلال ممارستها الناجحة.
وتدعو منظمة شنغهاي للتعاون إلى “روح شنغهاي” المتمثلة في “الثقة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والمساواة والتشاور واحترام تنوع الحضارات والسعي إلى التنمية المشتركة”، وتلتزم بالمبادئ الأساسية “عدم الانحياز وعدم المواجهة وعدم استهداف أطراف ثالثة”، مسلطة الضوء على طبيعتها التعاونية والشاملة والمنفتحة، على النقيض الحاد من الطبيعة المواجهة والحصرية والمغلقة للمنظمات الدولية مثل حلف شمال الأطلسي – الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة والغرب خلال فترة الحرب الباردة، وقد اتخذت شكلاً جديداً من التعاون المتعدد الأطراف يتجاوز عقلية الحرب الباردة.
وفي سياق الأزمة الأوكرانية الحالية وتصاعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أصبح تقدم وجاذبية مفهوم منظمة شنغهاي للتعاون أكثر وضوحاً، مما يوفر آمالاً جديدة ومسارات جديدة لتجنب تكرار أخطاء الحرب الباردة، وكسر سياسة التكتلات والمواجهة بين المعسكرات، وحل مشاكل العالم المتنوعة.
لقد تأسست منظمة شنغهاي للتعاون على أساس الدروس المستفادة من الحرب الباردة، وهي تلتزم بحزم بسياسة عدم الانحياز وعدم المواجهة. وهي تدعو وتمارس بقوة نوعاً جديداً من الأمن والتنمية والحضارة والحوكمة العالمية مع مفهوم التعاون المربح للجانبين في جوهره، وتعارض بحزم الأحادية وسياسات التكتلات والمواجهة، وتلتزم ببناء نوع جديد من العلاقات الدولية ومجتمع عالمي بمستقبل مشترك، وبالتالي إضافة طاقة إيجابية ويقين إلى الاستقرار والتنمية في جميع أنحاء العالم والإقليم.
لقد كانت الولايات المتحدة ووسائل الإعلام الغربية تنظر دائماً إلى منظمة شنغهاي للتعاون من خلال “نظارات ملونة”، وتصفها باستمرار بأنها “معادية للغرب”. إن هذا النوع من عقلية الحرب الباردة يتحدد من خلال طبيعة الغرب المهيمنة والتعددية الزائفة.
وبفضل التزامها بالمبادئ الأساسية المتمثلة في عدم الانحياز وعدم المواجهة وعدم استهداف أطراف ثالثة، تمكنت منظمة شنغهاي للتعاون منذ يوم تأسيسها من ترسيخ مفهوم جديد للأمن وشرعت في مسار جديد مختلف تماماً عن مسار الولايات المتحدة والغرب، اللذين كانا مهووسين بتشكيل التحالفات والتكتلات العسكرية.
لقد تخلت منظمة شنغهاي للتعاون بشكل حاسم عن عقلية الحرب الباردة، ولم تخلق قط عدواً وهمياً، بل ركزت جهودها بدلاً من ذلك على التعامل مع التهديدات غير التقليدية للأمن، وبالتالي حماية الاستقرار الإقليمي بشكل فعال، وخلق بيئة مناسبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لدولها الأعضاء ولشعوب الدول الأعضاء للعيش والعمل بسلام، وتوفير نموذج مهم للحفاظ على السلام والاستقرار للمناطق الأخرى والمجتمع الدولي ككل.
لقد أثبتت الحقائق بشكل كامل أن منظمة شنغهاي للتعاون ليست بأي حال من الأحوال “تحالفاً عسكرياً”، بل هي منظمة تعاون متعددة الأطراف مهدت الطريق لبناء نظام عالمي جديد.
في الوقت الحاضر، يشهد العالم تغيرات عميقة لم نشهدها منذ قرن من الزمان، وتواجه الحوكمة العالمية والأمن الدولي تحديات خطيرة. وهناك حاجة ملحة لتسريع بناء نظام دولي جديد عادل ومعقول، وممارسة التعددية الحقيقية، وتعزيز عالم متعدد الأقطاب متساوٍ ومنظم وعولمة اقتصادية مفيدة وشاملة للجميع.
وعلى هذه الخلفية، برزت قيمة منظمة شنغهاي للتعاون إلى الواجهة، وارتفعت توقعات المجتمع الدولي من المنظمة بشكل حاد. فبعد 23 عاماً من التطوير، نمت منظمة شنغهاي للتعاون من شتلة صغيرة إلى شجرة كبيرة، وأصبحت قوة بناءة مهمة في الحوكمة الإقليمية والعالمية.
وبفضل الجهود المتضافرة التي تبذلها مثل الدول الأعضاء، فمن المؤكد أن منظمة شنغهاي للتعاون تلعب دوراً أعظم في بناء نوع جديد من العلاقات الدولية ومجتمع عالمي ذي مستقبل مشترك.
المصدر – سي جي تي إن