نضال بركات:
إن الرصاصة التي أصابت أذن المرشح الرئاسي دونالد ترامب قد تمهد له الطريق إلى البيت الأبيض مع تراجع حظوظ بايدن المصاب بالخرف بعد أدائه السيء في المناظرة الرئاسية الأخيرة.
مهما كانت طريقة محاولة الاغتيال مخطط لها أم لا فقد زادت من حظوظ فوز ترامب ما أثار القلق في أوساط اقتصادية عالمية، وأكثر ما قد يؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي في حال فوز ترامب هو ارتفاع حالة عدم اليقين في الأسواق، فالرئيس السابق كان يحرك الأسواق بكلمات قليلة على منصة “إكس”، وهذا بكل تأكيد ما لا يريده المستثمرون الذين يبحثون عن أسواق مستقرة، وفق ما أكد خبراء الاقتصاد في “جولدمان ساكس” بأن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد يكون له ”تداعيات عميقة” على اقتصاد آسيا ومنطقة اليورو وربما العالم كله..
وفي إشارة إلى هذه الآثار فإن ترامب بدأ بتصريحات لافتة حول ذلك عندما قال إن الولايات المتحدة شركة تأمين وعلى تايوان أن تدفع لنا مقابل حمايتها من الصين، وفي مقابلة مع موقع “بلومبرغ بيزنيس ويك” (Bloomberg Businessweek)، عما إذا كان سيدافع عن تايوان لمواجهة الصين أجاب ترامب لقد استحوذت تايوان حوالى مئة في المئة من نشاطاتنا في مجال أشباه الموصلات. وأعتقد أن تايوان يجب أن تدفع لنا للدفاع عنها”، وأضاف “نحن لا نختلف عن شركة تأمين.. تايوان لاتعطينا شيئاً”.
فهل يمكن لترامب أن يبدأ بحرب اقتصادية جديدة مع الصين؟.
صحيفة (واشنطن بوست) ذكرت أن “ترامب” يفكر في فرض تعرفة جمركية على السلع الصينية تصل إلى 60 في المائة، وهذا الرقم غير محتمل على الأرجح، فالتعرفة السابقة التي فُرضت في ولايته السابقة كانت 25 في المائة، وتسببت في آثار اقتصادية سلبية كبيرة، فكيف إذا ما زاد هذا الرقم إلى أكثر من الضعف؟
من الواضح بأن الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة لم تقف بعد انتهاء ولاية “ترامب” الأولى، فكيف لها أن تبدأ وهي لم تنتهِ؟ فالرئيس “بايدن” واصل ما بدأه سلفه “ترامب” بل وفرض قيوداً اقتصادية جديدة، معظمها في الجانب التقني الذي لم يغفله سابقه كذلك، لاسيما حين منع استحواذ الشركات الصينية على الشركات الأميركية، وفيما يتعلق بالضرائب والرسوم الجمركية الإضافية التي قد تفرضها الولايات المتحدة على الصين فمن شأنها أن تنعكس على أوروبا.
وقال جاري ستين وجيمس موبرلي من جولدمان ساكس في مذكرة نشرت يوم الجمعة الماضي 12-7-2024 إن سياسة ترامب التجارية، وعدم اليقين المحيط بها قد تكون أحد العوامل التي تؤثر على اقتصاد أوروبا، وخلال ولايته الأولى كانت التوترات التجارية كبيرة بينهما، حيث فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على الصلب والألمنيوم الأوروبيين ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى الرد بفرض رسوم جمركية على السلع الأمريكية، ويمكن أن تؤدي التوترات التجارية بين الجانبين أيضاً إلى تضرر الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو، ووفق الخبيرين جاري ستين وجيمس موبرلي من جولدمان ساكس يجب ألا ننسى أن سياسات “ترامب” كما أثرت سلباً على دول، فإنها أثرت إيجاباً على الولايات المتحدة بانخفاض نسب البطالة، وعلى دول آسيوية كثيرة بانتقال العديد من الصناعات من الصين إليها، وعلى أسواق الطاقة العالمية بالاستقرار.
وبعيداً عن القلق في أوساط الاقتصاديين وتأثير فوز ترامب على الاقتصاد العالمي لا يمكن إغفال الجوانب السياسية لأن المتشائمين هم من الحزب الديمقراطي المنافس أو حتى من مؤسسات أوروبية تريد أن يكون ترامب على وفاق مع القيادات الأوروبية وليس كما كان في ولايته السابقة صاحِب مواقف صدامية وهذا ما يخشاه الأوروبيون.. فهل يمكن لترامب إذا عاد إلى البيت الأبيض أن يغير سياسته السابقة؟
المتتبع لتصريحات ترامب يلاحظ أنها أكثر تصعيداً عما سبق وبالتالي من غير المتوقع أن يغير سياسته في حال فاز في الانتخابات، وبشكل عام ليس غريباً على التناقض في سياسة بايدن وترامب فكلاهما يتبعان سياسة تعزز العلاقات مع أطراف أساسية بالنسبة للولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بإسرائيل، أما في الجوانب الاقتصادية فكلاهما قد يختلفان أو يتفقان على سياسة اقتصادية معينة لاتنعكس سلباً على الولايات المتحدة، وهما وجهان لعملة واحدة ويتمتعان بصفات سيئة.