الثورة _ لميس علي:
كل من تابع فيلم (العظمة، The prestige)، يلاحظ أن قوة الخيال لدى بطلي العمل كانت السبب الأساسي لإشعال التنافس بينهما.
فابتكار (بوردن، كريستيان بيل) لحيلة أو خدعة سحرية كان يحرض منافسه (أنجيير، هيو جاكمان) للإتيان بأفضل منها.. وبالتالي أنبنت لعبة الفيلم على ثنائية تشويقية قوامها الأساسي غير الملحوظ مباشرةً هو (الخيال/الحلم).
ومعلوم أن مخرج العمل «كريستوفر نولان» من أشهر مخرجي هوليود في مجال الخيال العلمي.
أليس الخيال العمود الفقري للأحلام، ومبتكراً للأفكار بأكثر السبل إدهاشاً ومطواعيةً، بذات الوقت..؟
فالسينما هي أكثر الفنون قدرة على شحذ المخيلة وإطلاق عدوى الحلم لمختلف عشّاقها.. ولطالما كان أغلبية العاملين فيها ممن يؤمنون أن تغيير العالم يأتي بقوة الأفكار والخيال، لا بأي قوة أخرى.
عجلة الحلم أو عجلة التغيير بواسطة الحلم، كلّما دارت كبر تأثيرها وصولاً لمختلف مجالات الحياة وهو ما حدث مع «ريمون كاخال» الذي نجحت قوة الحلم ونشاط الخيال لديه بدفعه لتطوير أبحاثه في مجال التركيب النسيج للجهاز العصبي، وأصبح صاحب لقب «أبو علم الأعصاب الحديث».. وكان يؤكّد دائماً أن بإمكان المرء، إن أراد، أن يكون نحاتاً لدماغه..
ما يعني أن الأحلام، مادة الخيال الخصبة، يتم توظيفها لتحسين جودة العيش وإكساب تدرجات الحياة المزيد من ظلال الألوان.. هل يدرك جميعنا ذلك..؟
وهل نحن قادرون على تنشيط طاقة الحلم لدينا كقوة دفع منتجة طوال الوقت..؟
الأحلام قوة دفع.. وليست قوة عطالة أبداً..
ولاسيما حين نتقن إنتاج أحلام يقظة هي ذاتها الأحلام التي تحدّثت عنها «أناييس نن» حين ذكرت أن نجاح المرء يتوقف على أحلام يقظته وليس على الأحلام التي يراها في نومه.
بدوره «باشلار» ركّز على شاعرية أحلام اليقظة، واهتم بها أكثر، بمرّات، من الأحلام التي تأتي أثناء النوم، مخالفاً توجهات علم النفس التحليلي..
كأن يتحدث عن أهمية حلم اليقظة في الحبّ يقول: «حلم يقظة روحين يتيمتين هو ما يبثّ العذوبة في العشق… إن حقيقة الحبّ تنقطع عندما ينفصل عن كل لاواقعيته».. وبالنسبة له يمكن لحلم اليقظة أن يكون منبعاً للسعادة فهو يساعدنا «على التوطن في سعادة هذا العالم».
كيف ذلك..؟
لأنه، كما يفسر، حالة ذهنية تساعدنا على الإفلات من الزمن.
من الممكن، إن أتقنا التمرن على هذه الحالة الذهنية «الحلمية»، أن تغدو الحياة (ليست ما نعيشه إنما ما نتخيل أننا نعيشه)، كما ورد في رواية «قطار الليل إلى لشبونه».. يعني حالة ذهنية سائدة.. كأننا نمارس خلوة مع ذواتنا بملاعبة تخيّلات وصور ذهنية تصنع المستقبل أو ما نريد أن يكون عليه.
بالعموم هي وصفة الكثيرين من المتحدثين بعلم الطاقة أو خبراء التنمية البشرية، وكأنهم يطبّقون قناعة أينشتاين «القدرة على التخيّل أهم بكثير من المعرفة أو المعلومة»..
إضافة لوجود دراسات علمية أكدت أن الدماغ لا يميّز بين الحقيقة والخيال، وبالتالي ما علينا سوى استثمار وتوظيف طاقة الخيال والحلم لدينا بأفضل ما يمكن.. إنتاجاً لأحلام يقظة تعمل على تزييت مفاصل الخشونة في يومياتنا وتقلل نسبة البشاعة حولنا.