الملحق الثقافي- علي حبيب:
يتحدث الدكتور محمد ياسر شرف عن كتابه تهمة المتنبي قائلاً:
رجعتُ بقرّاء هذا الكتاب إلى الكشف عن «المخطوطات» المبكّرة التي ظهرت فيها كتابات عن الشاعر الكوفي «أحمد بن الحسين» المشهور بلقب «المتنبي» وعاش في النصف الأول من القرن الرابع الهجري.
فكشفتُ عن نسبه ونشأته وسجنه وسبب تلقيبه، وخطّ ترحاله الذي قاده الاشتغال بالشعر إليه، وزواجه وإنجابه، وفترات استقراره.
وعمدت إلى مقاربة النصوص بصورة تحليلية ناقدة، أظهرت ما فيها من عوار ومفارقات، كما عالجت الروايات الخبرية لبيان ما أضافه بعض اللاحقين، دون الاعتماد على مخطوطات ومصادر مادية متوافرة، حول مناسبات الأشعار المختلفة، وخاصة التي نُسبت إلى «صباه» أو ما وضعه في «المكتب» أو تلك التي قيل إنه نظمها لشخص معيّـن أو حادثة خاصة، لكن لم ينشدها.
وإذ وقفت عند واقعة «قتل» أبي الطيب، قدّمتُ سرداً مقارناً للأخبار المنقولة في عدد من المصادر المبكّرة، لبيان ما كانت عليه الحكاية قبل أن تلحق بها إضافات المحـرّرين والنقَلَة والمطفّفين، الذين استثمروا ما لدى بعض المهتمّين من شغف متابعة الأخبار وقراءة الأشعار، بعيداً عن التمييز بين ما صحّ أنه من نظم أبي الطيّب وما كان منحولاً عليه.
وإذ وقفتُ مع أقدم آثار «دفاتر الشعر» التي قال الورّاقون والنسّاخ والشارحون إنها حوت ما قاله أبو الطيّب، دقّـقت النظر في محتوياتها، تبعاً للتتابع في ظهورها زمنياً، من خلال أعمال شرح لآخرين معروفين، لم تكن بخطوطهم وأحاطت بها الشكوك؛ محدّداً عدداً من القضايا ذات الصلة بأعمال التهذيب والحذف والزيادة التي أشارت أخبار صريحة إليها، وما ترافق بذلك من «تكسّب» استفاد منه المشتغلون بشعر أبي الطيّب، الذي كان ـ قبلَهم ـ قد تكسّب بـه عبرَ مراحل حياته المتلاحقة.
وقد صغتُ ذلك ـ وغيره ـ ضمن سياقات بحثية منهجية، تغري بإعادة النظر في كثير من أجزاء الحكايات «شبه الرسمية» أو الأكثر شيوعاً، عن واحد من أهمّ شعراء العربية في زمانه.
العدد 1199 – 30 -7-2024