واقع أريافنا الخدمي بكل مكوناته يواجه أسوأ مرحلة، مهمل والناس فيه تترك لتواجه ظروف معيشية قاسية، عبارات تردد على لسان غالبية سكان الريف في مختلف المحافظات، ولعل أزمة مياه الشرب في قرى غنية بالينابيع ومصادر المياه مثال بسيط عن حجم التقصير من الجهات المعنية لمعالجتها.
من هنا فإن توسيع حلقة العمل الخدمي والاقتصادي والاستثماري لتتجاوز مساحة الإدارات المركزية وتصل لأصغر منطقة أو قرية على خريطة سورية من أولويات المرحلة الحالية، وللحقيقة كل مرحلة بما يؤدي لإحداث نقلة نوعية أو انتفاضة حقيقية في عمل وأداء مجالس محلية وبلديات أغلبها يعيش سباتاً على صعيد العمل والإنجاز، همهم تحقيق المكاسب ومصالح شخصية ضيقة، متناسون الصالح العام .
وعندما نؤكد على منطقة أو قرية معينة تعيش حالة من الركود في مختلف المجالات رغم تمتعها كما أغلب المناطق على امتداد الجغرافية السورية بمزايا ومقومات متنوعة مهملة، يمكن بحال توظيفها أن تحولها لمنطقة تنموية بقيمة مضافة تنعكس خيراً ونمواً عليها وعلى سكانها، فهذا لأن تلك المناطق وغيرها كانت ومنذ سنوات على قائمة جداول اجتماعات المعنيين واتخمت كلاماً ووعوداً لم يصل كما العادة أغلبها لمرحلة الترجمة العملية على أرض الواقع، والدليل الأكثر سطوعاً هنا تمثل في ترك آلاف الشباب والشابات لقراهم بحثاً عن فرص عمل، هي متوافرة وبكثرة وتنتظر فقط من يوجه بوصلة العمل والإنتاج والاستثمار نحوها لتتحول لمشاريع وبرامج سياحية وصناعية واقتصادية وزراعية وغيرها الكثير للنهوض بواقعها ومستوى معيشة سكانها والأهم أن ينقلها لمرحلة تأمين مواردها الذاتية.
ورغم طرح عشرات، إن لم نقل مئات الأفكار والمقترحات للنهوض بواقع المناطق والقرى، ومنها ما طرحته وزارة السياحة منذ سنوات لإقامة ملتقى لاستثمار المقومات الكثيرة المتوافرة في غالبية الوحدات الإدارية وتوجيهها لإقامة مشاريع سياحية تنموية تسهم في تحسين مستوى الخدمات في مجالس المدن، وقبله كان الحديث الطويل عن تنمية المنطقة الشرقية ومقررات عديدة خرجت من اجتماعات مجلس الوزراء لإطلاق مشاريع تنموية تشمل غالبية المحافظات وغيرها الكثير من الأفكار نسيت وأهملت وبقيت طي الأدراج وصنفت تحت بند مقترحات مسؤولين سابقين.
ومع التراجع الكبير بمستوى الخدمات وغياب أبسط مقومات الحياة، تقلصت مطالب واحتياجات أبناء القرى والمناطق من مطالب بنهضة تنموية بالريف تستثمر الامكانات الغنية والمتنوعة فيه, بما يعود بالنفع على سكانه وكل مجالات الحياة فيه زراعياً واقتصادياً واجتماعياً إلى المطالبة لتنسيق الجهود بين المؤسسات لتأمين مياه الشرب.
بات من غير المقبول بقاء أريافنا تعاني الاستنزاف بمواردها وشبابها، وتراجع الإنتاج فيها خاصة الزراعي والحيواني دون أن تحرك الجهات المعنية ساكن، وإن كانت هناك من بعض القرارات الخجولة لسد ثغرة هنا أو هناك, فهي لا ترتقي أبداً للواقع المتردي وطموحات الناس فيها.