رفاه الدروبي
تعتبر قصيدة النثر أو الشعر المنثور قطعة غير موزونة، وتأتي القافية فيها في مناطق مختلفة من الأبيات وأحياناً تكون غير مقفَّاة، تحمل صوراً ومعاني شاعرية، وأغلبها تكون ذات موضوع واحد وعبارة عن جنس فني جيء به لاستكشاف القيم الشعرية. والشاعرة طهران صارم أخذت المنحى عينه وتطرح فكرتها بهدوء متسلسل مدركة عدم إقحامها دفعة واحدة فنهجت منحى الأدب الوجيز، كونه يتميز بالإيجاز الشديد، ويشمل الفنون السردية والشعرية.
اللعب على المفردات
بدأت الصارم في بوادرها الأولى بمراسلة الصحف والمجلات المهتمَّة بأدب الشباب، لتنشر على صفحاتها نتاجها النثري، ومازاد شغفها بمتابعة الكتابة تجلّى بعدم رفض أي قصيدة لها فسعت لتطوير أدواتها ولغتها، لافتة في حديثها لـ “الثورة” بأنَّها لم تتأثر بشاعر بعينه، ولكنَّها كانت قارئة نهمة للشعر القديم والحديث، ومازالت تسحرها الجملة الشعرية الكثيفة، والصورة الجمالية وطريقة اللعب على المفردة، مشيرةً إلى أنَّ البعض يظن كتابة القصيدة النثرية سهلة، وهؤلاء يقعون في مطب الكتابة غير المجدية والمكررة والمملَّة، فقصيدة النثر تعتمد على التكثيف العالي للفكرة وللصورة المتخيلة، وإن كانت تبتعد عن الوزن إلا أنَّها تحافظ على الموسيقا الداخلية وتجعل القارىء يُحلِّق معها ليستنبط من مفرداتها أفكاراً وتعبيرات جديدة.
صياغة الإبداع
وأوضحت الشاعرة طهران أنَّ القارىء الضعيف من يجد أن قصيدة النثر سهلة، لا بل يظن أنَّه حتى ولو لم يمتلك الموهبة قادر على كتابتها، إنَّها طريقة حديثة في صياغة الإبداع، وهناك أسماء كبيرة التصقت بها كمحمد الماغوط وأنسي الحاج ومحمود درويش وأدونيس وغيرهم، وقرأت ومازالت تطالع في شعر المتنبي، أبي تمام، أبي فراس الحمداني، بدوي الجبل، مهدي الجواهري، مستقيةً مفرداتها من لغتنا العربية الجميلة لغة يكتب بها الجميع؛ ولكن موهبة كل شاعر تظهر في طريقة صياغة المفردات ضمن بناء فني خاص يُشكِّل بصمته المتفرِّدة، متابعة: إنَّها كتبت أربع مجموعات نثرية تنوَّعت موضوعاتها بين الوجداني والإنساني والهم العام، بدأتها بالترتيب بديوان «لحن الغريب»، «بيدر فواصل»، «على مرمى رصاصة» حيث رصدت الشاعرة صارم عضو اتحاد الكتَّاب العرب من خلال مجموعتها الشعرية «على مرمى رصاصة» الهمَّ الإنساني، انطلاقاً من ضرورة أن يعطى الشاعر مساحة أكبر للتعبير، وكان آخر ديوان لها «ثرثرات الحنين» كتبتها عبارة عن نصوص نظرية وشعرية تتنوع بين الوجداني والعاطفي، بينما الشاعرة صارم ترى أنَّ كتابة قصيدة تستفزُّها رغم كونها صعبة، وكتابتها تحتاج لتحدٍّ عكس الشعر الموزون.
اللغة كائن حي
أمَّا عن الحالات الجمالية للأنثى فقالت: إنَّها تركيبة المرأة باعتبارها حالة فنية وجمالية شكّلت على مرِّ العصور حافزاً للكتابة عند الشعراء فالمرأة أمٌّ، وأخت، وعاملة، ومقاتلة، ومفكِّرة، تجمع الكثير من المتناقضات مثلها مثل الحياة فكيف لا تكون قصيدة يتبارى الشعراء في صوغها، لافتةً إلى تأثُّرها بالأدب الأوروبي باعتبارها تحمل إجازة في اللغة الإنجليزية، وقراءة الأدب نفسه يضيف لثقافة الشاعر الكثير كونه يطلع على ثقافات أخرى، وكما يقال اللغة كائن حي أي يمكن التعرُّف على أنماط ثقافية وسلوكية مختلفة، بالتأكيد هناك فرق بين الشعر العربي والأوروبي فالشعر ابن بيئته لكن كتبت عن دمشق وعن حالات إنسانية مقاربة، والغزل والعاطفة وكلّه يندرج تحت عنوان الهمّ الإنساني العام من قصيدة عنوانها دمشق أنشدت:دمشق على أبوابها السبعة سبع حكايات ..واحدة لعاشقة رحل عاشقها وترك ظله، وواحدة لطفل كبر في غفلة الوقت نادته رياح الحرب..فارتدى درعاً وغاب..وواحدة وواحدة …حتى صارت أبوابها السبعة أرملة يلفُّها السواد..وما بين صباح الياسمين ومساء البارود ..تنام دمشق وتصحو عارية من جراحها حاضنة ألمها..دمشق يا أيقونة التاريخ أما آن لهذا الصراخ أن يترجَّل.
تأثرها بالحرب
مؤكِّدةً على أنَّ الحرب عندما أرخت بظلالها على الجميع كان لها تأثيرها في الحالات الثقافية، الاجتماعية، الاقتصادية، الإنسانية وبالتالي نلمس نتائجها على مختلف الصعد، ولايمكن لأحد يعيش أجواء الحرب إلا وتخلق فيه شعوراً جديداً مختلفاً فكتبت قصيدة عنوانها الشهيد:رسالته الأخيرة في معطف على الجدار…انتظريني في الصباح استحمي بعطر الهيل من فنجان قهوتنا..هو وجعي ومعنى الاشتياق..اشديني كأغنية لفتية صغار يجلسون القرفصاء في زاوية الشارع يحلمون بفروسية الذي غاب..بلونه العبوس وساقه العرجاء وكيف هزّ الحصن بصرخة القهر من حنجرة النهار.
وللنقد دوره
خاتمة حديثها بأنَّها كتبت مقالات نقدية عن بعض الكتب في الأدب المقارن، والروايات والمجموعات الشعرية لبعض الشعراء تناولت فيها روايات أجنبية مثل مرتفعات وذرنغ لإيميلي برونتي، هاملت لوليم شكسبير، قلب الظلام لجوزيف كونراد، إضافة إلى روايات الكاتب هاني الراهب، وأنيسة عبود.
