أدباءٌ أصدقاء.. حتى ما بعد الرحيل

هفاف ميهوب
من المعروفِ بأن صداقة قويّة وعميقة، جمعت بين أديبي روسيا الكبيرين «تولستوي» و «تشيخوف».. ليس فقط صداقة أدبية، بل وإنسانية وحّدت مشاعرهما، في دفاعها عن الفقراء والمظلومين والمسحوقين، أما عن بداية هذه الصداقة، فمنذ اكتشف «تولستوي» بأن «تشيخوف» قد خلقَ أشكالاً أدبية جديدة، وضعته في المكانةِ التي يستحقّها، وجعلت منه صديقاً رأى لديه من اللطف والتواضع والصدق، ما جعله يقول عنه:»أنطون تشيخوف» من أفضلِ أصدقائي، ورغم شهرته المسرحية، إلا أن الصداقة التي جمعتنا، جعلتنا نتناقش في أمور الكتابة الإبداعية».إنه ما متّن صداقتهما، رغم الفروق التي بينهما ومنها، أن «تولستوي» كان متصوّفاً ومثاليّاً وينحدر من أسرةٍ أرستقراطية، و»تشيخوف» من عامة الشعب، بل ابن فلاحين أرقّاء، ومن أشهر أدباء الواقعية، بيد أن السبب الأكبر الذي جمعهما، نفور «تولستوي» من بيئته الارستقراطية الفاسدة، واندماجه ببيئة صديقه الفقيرة والبائسة والحالمة، وهو ما أكّده قول مديرة متحف «تشيخوف»:»الصداقة بين تولستوي وتشيخوف، جمعها همٌّ واحد، هو الانتصار للفقراءِ والبسطاءِ من الناس..»..صداقةٌ أخرى، جمعت بين شاعريّ ومفكريّ ألمانيا الكبيرين «غوته» و «شيللر».. كان ذلك بالصدفة، وعندما جمعتهما محاضرة كانا يستمعانِ إليها، وبعد انتهائها دار بينهما حديثٌ انتهى بما قال عنه «غوته»:»أسعد ظروف حياتي، هي الصدفة التي مكّنتني من مقابلة «شيللر».. لقد خلق لي شباباً جديداً، وأعادني مرّة أخرى إلى الشّعر، بعد أن كنتُ قد ابتعدتُ عنه»، هكذا توطّدت صداقة هذين المبدعين وتطوّرت، وأيضاً رغم الفروق بينهما، فقد كان «غوته» قويّ البنية، يعيش الحقائق ويعمل في النهار، وفي الخامسة والأربعين من عمره.
أمّا «شيللر» فكان نحيلاً ومنعزلاً، ولا يجيد الكتابة إلا في الليل، وفي الخامسة والثلاثين» من عمره، كان الأول أيضاً، ربيب نعمةٍ وثراءٍ ويقدّس الحياة والجمال، والآخر ابن فقرٍ وبؤسٍ وكفاحٍ وحرمان، كلّ هذا، لم يمنع من أن تكون صداقتهما أروع من كلّ ما أبدعاه، فقدَ نظر كلّ منهما إلى الآخر، بعينِ المعجب بمزاياه وموهبته وحكمته، حتى أن «غوته» اعتكف في منزله لدى سماعه بموتِ صديقه، وقد بكى عليه بكاءً مريراً، ومن ثمّ قال يصفُ حالته إثر رحيله:»لقد فقدتُ نصف وجودي، ولستُ أجدُ شيئاً أدوّنه في مذكّراتي، وتشير الصفحاتُ البيضاء إلى فراغِ حياتي»، يموت «غوته أيضاً، وتأبى الصداقة إلا الوفاء حتى في الموت، فقد أقيم له ضريحٌ بجانبِ ضريحِ صديقه، وضمن «مقبرة الأمراء» التي تحوّلت بعدها، إلى «مقبرة غوته وشيلر»، حتماً، ليست كلّ صداقاتِ المبدعين، خالصة لوجهِ الإبداع والأخلاق والمشاعر الإنسانية.. مثلاً، الصداقة التي جمعت بين الشاعرين الفرنسيين «فرلين» و»رامبو»، لم تكن وحسبَ رسائلهما التي فضحتهما، سوى ستاراً لعلاقةٍ شاذة ومريبة وهستيرية.. علاقة أدّت إلى دمارِ حياتهما معاً، وهو ما ترك أثره على سمعتهما حتى بعد رحيلهما، فقدَ لاحقتهما الاتهامات والشكوك والدراسات التي اعتادت البحث والتنقيب والتحقيق، وصولاً إلى الكشفِ عن أسرارِ المبدعين، وعلاقاتهم وفضائحهم المخفيّة.

آخر الأخبار
"ما خفي أعظم" بين الناس والمؤسسات المالية والمصرفية !      السوريون يستذكرون الوزير الذي قال "لا" للأسد المخلوع   خطة الكهرباء الجديدة إصلاح أم عبء إضافي ؟   العثور على رفات بشرية قرب نوى في درعا  محافظ حلب ومدير الإدارة المحلية يتفقدان الخدمات في ريف حلب الجنوبي   "الاتصالات" تطلق الهوية الرقمية والإقليمية الجديدة لمعرض "سيريا هايتك"   إطلاق حملة مكافحة التسول بدمشق وريفها   لجنة مشتركة بين السياحة و مجموعة ريتاج لدراسة المشاريع الفندقية  غرفة صناعة دمشق توقع مذكرة تفاهم مع المجلس النرويجي للاجئين  تعرفة  الكهرباء .. كيف يوازن القطاع  بين الاستدامة والمواطن؟  وزير الخارجية الألماني: من واجبنا المساهمة في إعادة إعمار سوريا  سوريا تهنئ حكومة وشعب تركيا بمناسبة يوم الجمهورية   إنجاز 40 بالمئة من إنارة دمشق بـ1800 نقطة ضوئية في ملتقى العمل..  تدريب وفرص عمل  للنساء وذوي الإعاقة  صدام الحمود: زيارة الشرع إلى الرياض بداية مرحلة جديدة   وفد من "الداخلية" يشارك في مؤتمر التدريب الأمني العربي بالدوحة هدفها تحقيق الاستدامة.. الكهرباء تصدر تعرفة جديدة لمشتركيها  الشرع يبحث مع وفد ألماني تعزيز التعاون والمستجدات الإقليمية والدولية سوريا تغير لغتها نحو العالم.. الإنكليزية إلزامية والفرنسية والروسية اختيارية "إعمار سوريا": خبراتٌ عالمية تتجسد.. وتخصصٌ دقيقٌ يرسم طريق المستقبل