الثورة – رفاه الدروبي:
تحظى العلاقة بين التربية ووسائل الإعلام باهتمام كبير ولاسيَّما في وقتنا الحالي، إذ سيطرت فيه تكنولوجيا الهواتف النقَّالة، فأصبح من الضروري إدراج الإعلام التربوي، أو التربية بالإعلام، ويعتبر مشروع بناء جيل، وخط دفاع لحماية الأطفال والشباب من المخاطر.
الأفكار السابقة تمَّ طرحها في محاضرة استهلها مدير ثقافي أبو رمانة عمار بقلة عنوانها: “بين الإعلام والتربية” ألقاها رياض الرفاعي.
المحاضر الرفاعي أشار إلى تبادل الفعل بين وسائل الإعلام والتربية والعلاقة بينهما، وأهميتها بأنَّها سهَّلت التواصل بين المؤسسات والأفراد، وخلقت وكرَّست ثقافة الاستهلاك، والثقافة الفنية والرياضية الكبيرة عند الشباب، وأرست نمطاً جديداً في العلاقات الأسرية.
ويأتي أثرها في ميِّزاتها في الزمن والمكان المفتوحين، وفرصة التعبير عن الذات، والغنى والتنوّع في المحتوى والسهولة والرخص، لافتاً إلى أهمية العلاقة المباشرة بالإنسان وتطوّر وتنوّع علوم التربية وفعلها في المضمار الإعلامي لتكون علاقتها بالإعلام متوازنة.
وذكر المحاضر أنَّ تبادل الفعل بين الإعلام والتربية يقرأ العلاقة كثير من الباحثين بينهما بشكل تكاملي، فكلّ منهما يتعامل مع الفرد والمجتمع، ولكلٍّ منهما الهدف ذاته وهو الرُّقي بالفرد والمجتمع.. ورفع سويَّتهما يكون وفق قوانينه وأدواته ومصطلحاته. وتنبع أهمية وسائل الاتصال في حياتنا بأنَّها تفرض فكرها وثقافتها، وتدفع بالأفراد والمجتمعات نحو ما تريد من فكر وثقافة وسلوك من خلال آثار إيجابية تسهِّل التواصل بين الأفراد والجماعات والمؤسسات فذللت بذلك الصعوبات الكبيرة أمام تبادل الخبرات العلمية والثقافية والفنية والرياضية، ويمكن التواصل بشكل مستمر مع من نريد من الأشخاص والمؤسسات من أفكار وطرح آراء وثقافات، وبذلك اختصرت الزمن وطوت عامل البعد حتى كادت أن توحِّد الثقافات.
كما ذكر خلال حديثه أنَّه لا يمكن للباحث أن يتجاهل أثراً مهمَّاً لوسائل الاتصال، حيث أوجد ثقافة تكرِّس ثقافة الاستهلاك في مجتمعات اليوم من خلال الفقرات الإعلامية، بل تجاوزت ذلك إلى إيجاد وسائل خاصة بالإعلام من صحف ومجلات. والمدقِّق في وسائل الإعلان لطبيعة عملها يلاحظ بأنَّها تعتمد على الإبهار والتكرار، موضِّحاً بأنَّ أهمية التربية تنبع من أنها تحكم العلاقة بين الفكر والثقافة من جهة، وبين السلوك في أخرى، وتُؤمِّن عملية الانتقال الهادئ للفكر والثقافة إلى حيز السلوك، وأنَّ أهميتها تظهر من علاقتها المباشرة بالإنسان، وتقديم المنهج التربوي المتوازن لتبني انسجاماً مع الواقع وتصالحاً مع الذات، أي الثقه بالنفس المتجهة نحو المستقبل بوضوح في الرؤية، وتسارع بالخُطا، بينما تنبع أهميتها في أغلب المجتمعات البشرية منذ القدم وفي العصر الحديث، حيث تكاثرت النظريات والأبحاث التربوية، وتبلورت مبادئها، وتعددت اختصاصاتها، وتفرَّع عنها الكثير من العلوم الإنسانية الحديثة، حيث تقوم التربية على الاستثمار الأمثل لأهم ثروة بشرية متوفِّرة في كلِّ البلدان، وتتوجَّه إلى الإنسان لاستثمار طاقته، كما فعَّلت قدراته من خلال المنظومات الحديثة والمناسبة لإدارة الموارد البشرية، فحقَّقت نمواً مضطرداً وقفزات كبيرة في مضمار السباق بين الأمم.
ثم قدَّم الخطوات التربوية لمواكبة وسائل الاتصال لتؤكِّد على الثوابت التربوية، ووضوح الأهداف، وتحديدها وأهمية ترتيب الأولويات، وخلق البدائل الإعلامية. وتعتبر من أهمِّ عوامل إقصاء وسائل الإعلام الهابطة، وخلق بدائل الإعلام التربوي من صحف ومجلات ومحطات إذاعية، ومواقع في الشابكة، وتفعيل دور المراكز الثقافية، ومن خلالها نحاول المزاوجة بين خلق وتعزيز السلوكات الإيجابية من جهة، والمتعة والتسلية في أخرى، ويجب أن تقوم الوسائل الإعلامية البديلة بعملها من خلال التربية الإعلامية المنهجية والهيئة التربوية الناظمة لكلِّ مواقع العمل الإعلامي، وتقوم بخطوات تربوية بوضع خطط للمؤسسات التربوية، وهناك أهمية كبيرة في تبادل الفعل بين الإعلام والتربية بهدف دفع المجتمعات والسير الحثيث نحو مستقبل مشرق تستثمر فيه وسائل الاتصال إلى حدِّها الأقسى من خلال مجموعة من القيم التربوية الناظمة ويُحدِّد أشكالها وسياساتها كلُّ المعنيين بقضايا التربية.