الملحق الثقافي- ليزا خضر:
(في مكانٍ ما…)
ذاك هو الطريق نحو حياتِكِ الجديدة
دلّني آخر الأحياء وهو يلف رداء الرصيف
سيجاراً في فم الروزنامة
والدخان ينزّ من سقف الصباح
**
ذاك هو الطريق؟
ضحكةٌ تعوم على الماء ردّت: نعم
كانت تمسك بالضفتين
كأنهما غريبان ترافقا في رحلة المجرى دون أن يتعارفا
في طريقي لم أصدف سوى صديقين
أنا .. وقوسِ قزح بدا هرماً
سألتُه عنا..
كنتُ في مكانٍ ما..
أصب الكون في فنجان قهوتي
وكان يرتب الغيمة في حضن الغيمة
ويفرد ألوانه في فهارسي
في تسريحة أشعاري
وفي أغراس الحقول الخجولة..
لماذا يا صديقي تنسلُ اللون عن اللون وترميه؟
أجاب: لا أحد سيفهم ما أقول
فشكلي في عيون الأعمى كيف يكون؟
**
آآآه .. ذاك هو الطريق؟
نعم ..ردّت طفلة قلبي البلاد
شموس غزة حمّرت خدّيها
وقصائد الشام قطّبتِ الجروح
وكل السنابل في أرض الأمام
شتمت الطغاة ثم عادت صعوداً
إلى الحياة..
**
سدَّدتُ دَينَ ما أراه فتخيّلتُ
مشانق الكلام المدجج بالرماد
والقيودَ تفلت من أقفالها
والشبابيك تُفتَح على الأيام
وخطوتي كانت تسأل:
إلى أين؟
هل المستحيل بعيد؟
أنا خارج الطقس
داخل يقين العمر
في طية الهواء بعد المنعطف
ووراء زجاج العمر أتفرج
لي عِنَبي
لي غربتي
ولي ماضٍ بائسٌ أهدهده كي ينام
**
بيني وبين الوصول..نحنُ
وعرائش الظلّ التي ترقص
وكلمة حبّ بقيت تحت اللسان
وحبوب المنوم
وغابات الزنبق التي تغني
وفناجين القهوة المترعة بالهال
والشتائم
والخيبات
و…
**
والآن في مكانٍ ما..
أنا بحاجة إلى الخرائط كي أمر
ولكلمة سر النبع كي ألد النهر
ولقدح الشعر كي أتجلّى
ولعينٍ مفتوحة على رقصة البجع الأخيرة
كي أحفظ شكلَ الحب
البحر الذي عرفته سرقَ رسائلي
والقطار تأخر عن هجرتي إليّ
ملح الخبز شِعري
وعلى سجيّته فليولد الرغيف
في فورة الكدح صار لي اسم وغواية..
وهناك من يتبعني إلى رؤاي
حرةً من بكاء الأمس
بيني وبين النهار برهةُ ليلٍ لا ينام فيه القمر
ودربٌ في أوج فضته
يشدّني من طفولتي إليه..
مزمارٌ ينادي
ومدني تقرع نخب الشفاء
فهل ذاك هو الطريق حقاً
إلى حياتي
الجديدة..؟
العدد 1202 – 27 -8-2024