الملحق الثقافي:
عنود: اسم شائع لدى البدو- يسكِّنون
العين… ولدى مجاوري البادية
ولغة..
العنود: المائل عن القصد
السحابة العنود: الكثيرة المطر لاتكاد تقلع.
الرجل العنود: الذي يحلّ وحده لايخالط
العقبة العنود: الصعبة المرتقى.
وهي مائلة عن القصد بقدر، وسحابة، وتختلط ولا تخالط، وصعبة المرتقى.
وعنود تطلب أن أجيء.. فيستفيق الورد.
تطلب أن أعود فيستفيق الجرح.
تسهم .. يستفيق الطّلّ
لائبة تسارقني.
أباعدها.. فتقرب النوارس.
حين تسألني … يضجّ النعنع البريّ
أسألها… فتجهش.
تستعيد، فأستقيل.
ومثلما الأشواق تقطر تلقتي بالقلب تمنحني احتراق الخصب
تأخذني إلى الماء البعيد.
ترد عنّي الحرّ.
ترسمني… فتنطبق الجفون على الهديل.
أمدّ كفّاَ للبراري حين تذهب
للطيور أمدّ قلبي حين تقبل
وهي بين ذهابها ومجيئها تبني مدينتها وتحلم بالمحار، وآن تصحو لا ترى غير النوارس.
ثم تبدأ من جديد،
من حدود تلفّتي الصقريّ،
من شمم البداوة،
من مكابرة الجراح،
تظلّ تُسفِر، ثم تُسفِر، ثم تسفر
لا أريد سواك،
-طيري
– أوغلت بي الريح، أرجعني.
-لأنكِ من بنات الريح..طيري،
-سوف تنساني.
-سيبقى البحر.
-أبكي أنني أدركت مايحمله الحلم المهاجر
-للطيور الريش، والأفق الجميل.
-أجيء في هذا الصباح إليكَ، فاترك باب هذا ألحان ياساقي الرياح.
-أخاف من زبد البحار.
-وأنت تعلم أنني لا بدّ آتية
أسافر،
أكتوي،
وأظن أني قد عبرت،
نبوءة سبقت، وقلت لي: أني أعود،
وها أنا..
و»عنود» تسبقني، وتتبعني،
تجيء إلي في زمن القتام.
تجيء في زمن الرصاص.
تجيء في زمن المسامة الرديئة.. تحتفي بالمسك،
تفجؤني الإذعات الرجيمة باغتراب الأرض.. تخطفني .
وتأخذني بيانات الذين تربصوا بي من بني عمي..
فترسمني على الماء الحزين.
ألوذ بالصمت المعبّأ
تكتوي بالجهر.
أقرأ أسوأ الخبار عن (عبد بن نفط)..
تستظل بما تبقى من نخيل.
حين ترتفع الشرارة.. تستبد.
تقول لي:(آتي) ولا تأتي.
وأن أغلق الأبواب تطرقها،
وتصرخ بي:(تلفّت).
يا»عنود» قتلتني.
بلدي على كف المساومة الرذيلة،
والذين تستروا بلباسنا البدوي يقترعون مَن ..
يمضي؟ إلى حيث المرابط، لا الخيول.
يرتّلون: «اقرأ»، وينسحبون من لغة الجهاد،
ويتركون (الله) بين الرمل و(الفانتوم).
باسم المال، والجسد المضمّخ.. ينقلون حجار»مكة» من براءتها إلى نجس العمولة، والدعارة،
يرفعون كتاب رب هذي الأرض آن يرون فيه النفط، والنفع المذهب،
يسرجون لحى تنام على الخيانة،
يشهرون الدين سكيناً لطأطأة الرقاب،
يمنحون الأرض سارقتها.
الثياب تكاد تسقط،
ليس بين الكفر، والصمت الرجيم مسافة.
والكفر يكوى بالسيوف.
الكفر أن تمضي إلى صف العمالة، والبذاءة.
لا تقل أن التشهد مطهر،
ألق التشهد في ائتلاف الأرض، والإنسان والشجر الحزين.
الكفر، والشيطان، والصمت المريب: سلالة.
و»عنود» تعرف، والبراري، والدم المسروق من طرف القناة، المستباح على حقول النفط.
آه يا (عنود) قتلتني
سبق الجنون إليك.
يابلد الجنون (عنود تعرقف أي فرق بين دانية الحتوف،وبين دانية القطوف، وتستزيد
عبرت إلى جسدي عنود.
قرأت على جدران قلبي ما ترصع بالمرارة.
شاركتني الحزن، والحب ، وألقت بذرة .
فدلفت من تلك الأزقة حاملاً جرحي، وأعيتني الحدود.
قاربتني،
اختطلت بي،
أشرقت والليل مندفع له كفان من نفط،
ووجه سجدت جبهته للصنم المنحوت من ذهب، ومن جسد رخيص
واستبقنا..
آثرت أن تمنح الريح عناوين الكتابة
فهي من مكر.. سحابة
تمضي وترجع بين حد البحر، والمطر المجفف.
بين حدّ ( العيش) والخوف الكبير.
تجيء زائرة فتخرج من عناق الموت سنبلة لها هيئة رمح نبوي في مسافات الغرابة.
تمضي، وترجع.
أمس جاءتني، وكنت محاصراً بالقار، والإسفلت، والخطب الكريهة، والبيانات الصفيقة.
كنت في شك من الجدوى،
وفاجأها المحاق، فأشرقت..
و(عنود) تطلب أن أجي ليستفيق الورد،
تطلب أن أعود ليستفيق الجرح
لائذة تحرضني،
وتطلب أن أخلي الباب مفتوحاً، لتدخل..
آن جاءتني عنود
قفزت من الجدران خارطة البلاد، وأوغلت في القلب، وانتهت الحدود.
(حمص 30/3/1979
العدد 1203 –3 -9 -2024