الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
لم تكن الخطة الذهاب إلى أحد تلك المولات ولكن كونه قريباً من منزل صديقتها لا بأس بزيارة سريعة، ولكن تلك الزيارة السريعة استغرقت عدة ساعات فالمحلات التي اختارتها لم تكن عادية و أصحاب المحلات تمكنوا من تحويلها إلى ما يشبه معرض فني لكن لعرض الألبسة، واجهت إغراء كبيرًا حتى لا تشتري من المحل الباهظ الثمن.
ولكن حين أعجبتها تلك (البلوزة) المرسوم عليها فتاة ترتدي طاقية بدت كلوحة فنية جميلة لم تتمكن مقاومتها، اشترتها على عجل.
تزايدت حماسة الشراء لدى رؤيتها الفستان الأبيض الطويل وحين لفته على جسدها بدا في غاية الجمال.
بدا صراعاً من نوع مختلف داخلها هل تشتريه بكل المبلغ الذي تحمله أو تقاوم شغفها منذ الأزل في شراء الملابس ومن ثم ارتدائها مرة أو مرتين على أقصى حد وبعد ذلك رميها أو توزيعها؟!
الصديقة الذكية لمحت حيرتها فالتقطت صورة جميلة وهي تمسك بالفستان، ولم تتوقع أن تلك الصورة ستكون علامة دائمة على ترددها حين عادت إلى بلدها ندمت أنها لم تقتن ذلك الفستان كان سيكون جميلاً في العديد من المناسبات.
لم يكن الفستان الأبيض هو الأمر الوحيد الذي ندمت على عدم فعله، فقد اعتادت في كثير من الأحيان أن تتردد مثلاً حين رفضت ركوب تلك القلابة التي تدور فوق البحر و بإمكان الراكب ضمن تلك الكبسولات الكثيرة المتراصة فوق بعضها أن تجعل الراكب يرى كل تلك المناظر البحرية من ارتفاع شاهق، قبل الركوب بقليل لم تصعد.
مرات كثيرة لم تتمكن من فعلها، رغم كل القرارات التي كانت تتخذها وهي جالسة، ما أن يأتي أوان التنفيذ حتى يتغير الأمر و تؤجل، في كثير من اللحظات كانت تشعر بنفسها حرة تشبه سمكة تحت الماء تسبح أينما يحلو لها، رافضة أن تغادر ما اعتادته رغم المحيط الواسع.
ربما أن نسبح في الأمكنة الاعتيادية يحمينا ولكنه يبقينا في تلك الدوائر المكررة بلا معنى، ربما لو أنها في وقت ما اختارت أحد جداول المياه رغم صغرها مقارنة بالمحيط وحاولت الانطلاق ولو لوقت قليل نحو تلك الجبال لتقفز نحو نهر أوسع
أو رافد آخر وقد تلتقي في طرقاتها بكل ما يغير ألوان حياتها.
نسيت أمر السمكة كليًا وهي تقلب الصورة قبل أن تحذفها نهائيًا من ألبوم صورها، لاتريد تذكر الفستان الأبيض وعدم احترافيتها بعيش الحياة بما يليق بها.
العدد 1203 –3 -9 -2024