«لا مكانَ في أميركا.. إلا لرعاعٍ دمّروا كلّ شيء»

الثورة _ هفاف ميهوب:
بعد أن أقام الأديب الأميركي «هنري ميللر» أربعين عاماً في أوروبا، شعر بالحنين إلى مسقط رأسه، فعاد إليه عبر رحلةٍ استمرّت عاماً كاملاً، جابَ خلالها كلّ الولايات، ودون أن تثمر هذه الرحلة، إلا عن رواية حملت الكثير من الإحباط الذي دفعه، لوصفِ حاله مثلما حال كلّ فنانٍ ومبدعٍ في بلده:»لا مكان للفنان في أميركا، ولكي يصبح المرءُ فناناً، عليه أن يكون مجذوماً أخلاقياً، ومنبوذاً اقتصادياً، ومُعوقاً اجتماعياً، كخنزيرٍ يستمتعُ بالحياة أكثر من كاتبٍ خلاّق، أو رسامٍ، أو موسيقيّ عبقريّ».
إنه بعض ما تناوله في «كابوس مكيّف الهواء».. الرواية الذي أشار فيها، إلى أن ما دفعه للهجرة عن وطنه، انتشار الرعاعِ ومدمريّ كلّ شيء، وإلى أن ما آثار اشمئزازه منه بعد عودته، ما رآه فوصفه بسخريةٍ وازدراء:»ماذا نقدّم للعالم غير غنائمٍ نسلبها من الأرض، تحت تأثير التهوّر والوهم المسعور، بأن هذا الجنون يمثّل التقدّم والتنوير؟.. إن ما أراه هو أننا ندافع عن المبادئ التافهة التي تفرّقنا، لأننا خائفون من أي حافزٍ يرفعنا من القذارة.. لا أرغب بالعيش في هذا العالم، لأنه يناسب المهووسين بفكرةِ التقدّم الزائف والنتن، الذي لا مكان فيه للمبادئ والأخلاق والأفكار والآمال..
في هذا العالم، الشاعرُ كائنٌ بغيض، والمفكر أبله، والفنان هروبيّ، وصاحب الرؤى مجرمٌ»..لم تكن هذه الرواية هي الرواية الوحيدة التي انتقد فيها «ميللر» أميركا، ورفض سياستها وحياة مجتمعها، فقد فعل ذلك أيضاً في رواياتٍ عديدة منها «ربيع أسود»، الرواية التي اتّضحت فيها قدرته، على تحويل سيرة حياته، حتى قبل هروبه من بلده الذي كان سبب محنته، إلى فصولٍ توحّد فيها مع ذاته بطريقةٍ شعرية، مخاطباً كلّ من رآهم قد ساهموا في انحطاط قيمة عالمهم، وبغضبٍ رافقته السخرية:»غداً يمكنكم أن تكملوا تخريب عالمكم.. أن تتغنّوا بالفردوسِ فوق خرائبِ مدنكم، لكنني الليلة أفكّر في رجلٍ واحدٍ منعزل، في رجلٍ لا اسم له ولا وطن.. رجلٌ احترمه جداً، لأنه لا يملك مطلقاً ما يشترك به معكم.. أنا..!.نعم.
لقد انتقد «ميللر» أميركا، ورفضها أيضاً، وبطريقةٍ كانت حادّة وجريئة ومُلفتة، في روايته «مدار الجدي»، الرواية التي عبّر من خلالها، عن كرههِ لكلّ ما فيها لطالما هي لا تكتفي بعدم احترامها للقيم والأخلاق لدى إنسانها، بل ولا تحترم أيضاً، حتى ثقافتها وفنونها وآدابها. «لقد جبتُ شوارع الكثير من بلدانِ العالم، لكنّني لم أشعر في أيٍّ منها، بأنّي منحطٌّ ومُذلٌّ، كما أشعر وأنا فى أميركا».لا شكّ أنها شهاداتٌ إنسانية ـ أدبية، يدينُ فيها ابنِ أميركا نفسها، ما تقترفه من تدميرٍ للوجود وسلب لحقوقِ الإنسان، يدين أيضاً سطوتها ورأسماليّتها، وتطلعاتها الديكتاتورية الدائمة، لشنِّ الحروبِ التي لا ترتقي بها أبداً، بل تدمّرها وتزيد من انحطاطِ أهدافها، تجاه الحياة والشعوبِ والأوطان:»هذه الحروب لا تعلّمنا أيّ شيء، ولا حتى كيف نتغلّب على مخاوفنا. دعونا لا نحبّ الحقيقة بأسلوبٍ منحرفٍ. علينا أن ندمّر العالم المظلم، الذي زجّونا فيه وفي سراديبه، نتيجة جشعٍ وطمعٍ غير محدودين، لمن يدّعون أنهم أسياد العالم».

آخر الأخبار
التحول نحو الاقتصاد الحر.. خطوات حاسمة لدعم المصرف المركزي السوري فزعة الأشقاء.. الأردن يهبّ لمساندة سوريا في إخماد حرائق الساحل أول شحنة منتجات من المدينة الصناعية بحسياء إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الجمهورية يتابع ميدانياً جهود الاستجابة لحرائق ريف اللاذقية  تشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية بين مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات 138 خريجاً من مدرسة التمريض والقبالة في حلب يؤدّون القسم تحفيز إبداع فناني حمص مبادرة وطنية لحفظ وتثمين التراث السوري الهيئة الوطنية للمفقودين تطلق المرحلة الأولى من عملها هوية دمشق القديمة.. حجر اللبون بين سوء تنفيذ.. وترميم غير مدروس بحث تطوير مطار حلب وخطوات جديدة نحو الإقلاع الاقتصادي حركة نشطة عبر معبر السلامة.. أكثر من 60 ألف مسافر في حزيران وعودة متزايدة للسوريين بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. صحة حمص تطور خبرات أطباء الفم والأسنان المقيمين تخفيض أجور نقل الركاب على باصات النقل الحكومي بالقنيطرة أطباء "سامز" يقدمون خدماتهم في مستشفى درعا الوطني استجابة لشكاوى المواطنين.. تعرفة جديدة لنقل الركاب في درعا كيف تخلق حضورك الحقيقي وفعلك الأعمق..؟ حرائق الغابات تلتهم آلاف الهكتارات.. وفرق الإطفاء تخوض معركة شرسة للسيطرة على النيران سوريا وقطر تبحثان توسيع مجالات التعاون المشترك