الثورة – منهل إبراهيم:
تساهم واشنطن عن سابق قصد وترصد في جريمة الإبادة البشعة التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة على مدى أشهر من العدوان المميت الذي تخطى كافة الحدود والمحرمات الدولية والإنسانية.
وتقول الأرقام إنّ شهر آب المنصرم من أكثر الشهور من حيث ضخامة شحنات الأسلحة الأمريكية إلى الاحتلال الإسرائيلي، وكثافة رحلات النقل الجوي والبحري لأصناف التسليح: يوم 26 من الشهر الجاري سجّل الرحلة رقم 500 للناقلات عبر الجو، والرحلة رقم 107 للناقلات عبر البحار، بما يعادل 50 ألف طن من المعدات العسكرية المختلفة.
وهذه الأرقام من تقرير نشرته صحيفة “هآرتز” الإسرائيلية مؤخراً، وهو يكذّب الكثير من مزاعم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بصدد تأخير بعض شحنات الأسلحة، ويصادق على تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أواخر حزيران الماضي بأن المسألة سوف تُعالج إيجابياً خلال أجل قريب.
إضافة إلى شحنات الأسلحة، وسّعت واشنطن نطاق تواجدها العسكري في المنطقة، اثنتان من حاملات الطائرات، أبراهام لنكولن وثيودور روزفلت، غواصة USS Georgia مسلحة بصواريخ موجهة، قاذفات F-22 ستيلث وطائرات وحوامات الإنذار المبكر على ظهر الحاملتين وفي قواعد أمريكية مختلفة، فضلاً عن صواريخ توماهوك يصل مداها إلى 2,500 كم.
انخراط إدارة بايدن في حرب الإبادة الإسرائيلية ضدّ قطاع غزّة، ظهر بأشكال شتى على رأسها شحنات التسليح الهائلة والحضور العسكري المباشر وتوفير الخدمات اللوجستية والتجسسية المختلفة، ما انعكس في ما تردد من معلومات بأنّ البيت الأبيض عاتب كثيراً وليس قليلاً أغلب الظنّ، على حكومة كير ستارمر بسبب قرار لندن تعليق 30 (من أصل 350) ترخيصاً لتصدير الأسلحة إلى كيان الاحتلال.
كذلك كان المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الأمريكي قد تجاهل ملفّ تسليح الاحتلال، وضرب عرض الحائط بحساسيته لدى شرائح غير ضئيلة من ناخبيه، خاصة في أوساط الشباب والأفرو-آسيويين، فضلاً عن تيار «غير ملتزم» والمجموعات المختلفة التي علّقت الآمال على تغيير ملموس يمكن أن تحمله مرشحة الحزب كامالا هاريس.
الجنرال المتقاعد دافيد بترايوس، القائد السابق للقوّات الأمريكية والأطلسية في أفغانستان، والقائد السابق للقيادة الوسطى، ألهب المخيّلة الشعبية الأمريكية بنظريته حول موجبات “الطفرة” العسكرية في العراق سنة 2007 وما أنجزته من نجاحات مزعومة، ويطالب اليوم بأن يلجأ جيش الاحتلال إلى الخيار ذاته، لإنهاء وضع عسكري عالق على الجانب الإسرائيلي وقد يطيل الحرب سنوات وسنوات.
وهو يهاجم بشراسة وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى، وكأنه يقود جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى مصيدة، لكن الحقيقة تقول إن فشل أمريكا في كبح جماح الاحتلال يعرّض المصالح الأمريكية للخطر، ليس في بلدان الشرق الأوسط وحدها، ولكن في جنوب شرق آسيا أيضاً.
والتسليح الأمريكي لكيان الاحتلال بند واحد في لائحة واشنطن، حديث وقديم، لا يُنتقَص ولا يُختزل، حين يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة وحشية، وتواصل الولايات المتحدة مدّ جرائمه بحقّ الإنسانية بأسباب الديمومة والاستمرارية.