بني المشروع الصهيوني الذي استهدف فلسطين والمنطقة على عدة عناصر وحوامل منها أربعة أساسية وهي أن (إسرائيل ) دولة يهودية وديمقراطية وعلمانية وآمنة ومستقرة وبتحليل العناصر الأربعة نخلص إلى جملة من القناعات والحقائق أولها أن إسرائيل لم تتمكن من أن تصبح دولة يهودية خالصة فعدد سكان فلسطين وما احتل من الضفة الغربية أكثر من السكان اليهود حسب آخر الإحصائيات الصادرة عن مراكز إحصاء اسرائيلية حيث يقدر عدد اليهود بسبعة ملايين و200 ألف يهودي بينما عدد العرب أكثر من ذلك بمئتي ألف ناهيك بأن هناك أكثر من 400 ألف يهودي من العرب وهذا الفارق الديمغرافي يزداد سنويا” حيث تشير الإحصائيات المتعلقة بالولادة أن المرأة الفلسطينية تنجب وسطيا” ثلاثة أطفال بينما المرأة اليهودية طفلين ما يزيد الفارق في عدد السكان مع الزمن ويوسع الفجوة الديمغرافية وهنا نصبح أمام (دولة ) ثنائية القومية عربها أكثر من يهودها وهذا يشكل مأزقا” وهاجسا” حقيقيا” لدى قادة الصهاينة والنقطة الأخرى أو العامل الآخر هو أن إسرائيل دولة ديمقراطية وهذا يتناقض مع الواقع حيث يوجد نظامان قضائيان في ذلك الكيان وقوانين مختلفة تطبق على سكان الكيان من عرب وغيرهم وكذلك تفرقة بين الاشكناز والسفارديم والفلاشا والحريديين أما العامل الثالث في توصيف المشروع الصهيوني فهو أن إسرائيل دولة علمانية ومن ينظر إلى الواقع الحالي يكتشف أنها دولة تسير بشكل نهائي لتكون دولة دينية حيث يسيطر على الحكم فيها منذ عدة سنوات التيار الديني المتطرف الذي أصبح في مركز القرار والمؤسسات بعد أن كان على هامش الحياة السياسية منذ استزراع الكيان عام 1948 أما العنصر الرابع في المشروع فهو أن إسرائيل ستكون دولة مستقرة ولعل هذا العنصر الأساسي لم يتحقق طيلة استزراع ذلك الكيان وحتى الآن لا بل إن عوامل عدم استقراره زادت بشكل واضح خلال السنوات الماضية ولاسيما بعد معركة طوفان الأقصى التي زلزلت قواعد ارتكازه ما دعا قادة الصهاينة يتحدثون عن حالة وجود وبقاء مع تنامي حالة المقاومة في فلسطين بكامل جغرافيتها المحتلة حيث تشير إحصائيات صادرة عن مراكز استطلاع للرأي العام الفلسطيني أن نسبة الفلسطينيين الذين كانوا يؤمنون بالكفاح المسلح قبل عام لاتزيد على 24 بالمئة من سكان فلسطين بينما ارتفعت اليوم لتكون 64 بالمئة بينما بقي من يراهن على الكفاح السياسي وأشكال المقاومة غير المسلحة لا يتجاوز 30 بالمئة مع أن الجميع يرفض الاحتلال .
من خلال ما تقدم نرى أن هذا المشروع الصهيوني الإحلالي التوسعي في طريق النهاية وطبعا” هذا لا يتم بشكل تلقائي وبقوة العطالة ولكن من خلال المقاومة المسلحة وغير المسلحة مع التركيز على أن المقاومة المسلحة هي الوسيلة واللغة الوحيدة التي يفهمها والأمر الآخر التمسك بالأرض وعدم مغادرتها تحت كل الظروف إضافة للتركيز على العامل الديمغرافي السكاني ولعله لا يقل أهمية عن المقاومة المسلحة في الحفاظ على الهوية والأكثرية العددية ناهيك بالتمسك بالثقافة الوطنية الفلسطينية تحت الاحتلال والتشبيك بين فلسطينيي الداخل والخارج وتشكيل لوبيات ضاغطة حيث يتواجد الفلسطينيون والعرب وأصدقاؤهم لتبقى القضية الفلسطينية حاضرة في الوجدان العام وأمام الرأي العام العالمي والمنابر الأممية أخذا” في الاعتبار أن الكيان الصهيوني لم يكن معزولا” دوليا” في يوم من الأيام كما هو حاصل في الوقت الحاضر ولم يعان من أزمات داخلية وانقسامات سياسية ومجتمعية كما هو اليوم من هنا تأتي أهمية قراءة هذه العناصر وذلك الوضع المأزوم والدفع باتجاه الحل السياسي وصولا” لقيام الدولة الفلسطينية المنشودة وعاصمتها مدينة القدس مدينة السلام والمحبة .