مصطفى المقداد:
طالما أنه لم يصدر تكليف رئاسي بتسمية رئيس للحكومة القادمة، فإن الأمر يبقى مفتوحاً على احتمالات كثيرة، سواء من ناحية شخصية المكلف المنتظر أم من حيث مواصفاته، وبالتالي مواصفات الوزراء المحتملين لتولي المهمة الجديدة.
ولعل أول ما يلفت الانتباه أن تسمية رئيس مجلس الوزراء وتعيين حكومة جديدة لا يشكل عاملاً ضاغطاً بالنسبة للدولة ما دامت حكومة تصريف الأعمال تقوم بمهماتها المطلوبة دون عوائق أو ضغوطات جديدة، فهي ما زالت مستمرة بأعمالها المعتادة في ظل ظروف العدوان من حصار ومقاطعة وتهديدات متعددة الجوانب، الأمر الذي يشير إلى حالة من التروي والدراسة بما يتوافق والتطورات والمستجدات الإقليمية والدولية، بعيداً عن الظروف الداخلية التي يبدو أنها تحتاج مدة طويلة لتجاوزها، ما دامت عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي لم تحقق تقدماً يفضي إلى رفع مستوى الحياة اليومية للإنسان.
ومن خلال التعليقات والاتصالات المباشرة التي تحصل معنا تعليقاً على شكل وطبيعة ومهمة ودور الحكومة الجديدة، فإنها كلها توافقت على تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين في الوقت الذي تم تحميل الحكومات المتعاقبة مسؤولية هذا التردي وضعف القدرة الشرائية وتراجع قيمة العملة الوطنية، وقد رأى أحد الأصدقاء أنه من حق الجميع أن يهتم ويحمل هم تشكيل الحكومة القادمة، أليس المواطن هو البوصلة الحقيقية لتقديم الخدمات والبنى التحتية له وتوفير كافة السبل للعيش الكريم ومنحه الأمن والأمان في وطنه.
وهذه ليست استعطافاً ومنّة من أحد إنما هي بديهيات وتوافقات سيرورة العقد الاجتماعي التي كدحت الإنسانية جمعاء لتسخيره لمصلحة المواطن من قبل الحكومات, والشواهد كثيرة في تسارع التقدم الحضاري للبلدان وتوفير السبل لذلك.
بينما نشاهد في واقعنا المتردي وخاصة الاقتصادي أن هاجس المسؤولين كان جباية الأموال من الشعب وفرض الضرائب والرسوم الدائمة والتنافس بينهم لإصدار القرارات والتعليمات التي لا تصب في مصلحة المواطن للتبييض أمام الجهات العليا والكل في الوقت الحالي أصبح يملك مشروعاً يرغب باستكماله إذا أتيحت له الفرصة بتكليفه بالحكومة القادمة.
ولم نسمع منذ زمن بعيد عن افتتاح معمل أو مصنع أو منشأة تشغيل أيدي عاملة لتوفير السلع والخدمات بالمنتج المحلي كما تم استبعاد تجارب الدول الناهضة الصديقة أو غيرها الذي يعطي المجال لتحسين مستوى المعيشة بزيادة القدرة الشرائية وتوفير فرص العمل وتخفيف البطالة وتقليص مستوى الفقر المتصاعد.
كل ذلك التعافي المطلوب يرسم في الأفق الأمل المنشود لإعادة التوازن والموضوعية في تولي حكومة جديدة تكنوقراطية تأخذ على عاتقها تحقيق الحد الأدنى مما يرجوه المواطن وتطمح إليه شرائح وفئات الشعب كافة.
وبعد ذلك يأتي القول الأكثر عمقاً ومعرفة ليرى أن التكامل ما بين وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة كلها يشكل عامل النجاح الأساس لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والخدمية والثقافية وذلك ضمن رؤية متكاملة يحملها فريق حكومي يتعاون بحرفية ومهنية ويأخذ بالحسبان تأثير موقعه على بقية القطاعات الحكومية فلا تنافساً سلبياً يعتمد تحميل التقصير إلى وزارات وقطاعات أخرى، إذ إن المسؤولية المشتركة تخلق بيئة متعاونة، شهدنا للأمانة جزءاً منها خلال السنوات الأربع الماضية، إذ تراجعت الاتهامات في تحميل مسؤولية النقص أو الخلل أو الفشل للغير في معظم الأحيان، فمفهوم العمل المتكامل يعطي الحكومة قوة ودفعاً ورؤية واضحة تمكنها من تنفيذ مشروعات إنتاجية ذات مردود إيجابي واضح في حياة المواطنين.
وتبقى في النهاية اختيارات الحكومة الجديدة في جانب منها مرتبطة بالمتغيرات السياسية الدولية والإقليمية باعتبار أن الحرب لم تنته وما زالت سورية في مواجهات مفتوحة تحتاج طرائق وإدارات للمضي قدماً نحو مستقبل امتلكنا رؤية رسمه بدقة ضمن مسيرة صعبة دفعت سورية خلالها الغالي والنفيس لتحافظ على مكانتها الوطنية وسيادتها واستقلال قرارها السياسي داخلياً وخارجياً على السواء.