الثورة _ رفاه الدروبي:
وقَّعت الكاتبة هدى إبراهيم أمون في ثقافي أبي رمانة ثلاث روايات ومجموعة قصص قصيرة، كارمالوف، ليل شكسبيري، سيمفونيَّة عباد الشمس، ومجموعة قصص قصيرة بعنوان: «حلقات متلظية».
قدَّم إضاءة على إصداراتها الدكتور عبد الله الشاهر، الدكتورة عائدة الفهد، الأديب غسان حورانية، أما إدارة الجلسة فكانت من نصيب الشاعرة رود مرزوق.
عباد الشمس
الدكتور عبد الله الشاهر قال: مع الاستعادة لجماليات الأدب وتجلياته تبرز الأنثى بحسها الإبداعي المرهف لتخطَّ مسارها الروائي من خلال فضاء واسع التشكيل، سريع التشكُّل، وأسلوب يغري القارئ بالمتابعة والتوق لمعرفة المزيد من خلال سردية اتصفت بالجملة الرشيقة والمفردة المعبرة، بمواصفات مكانية وزمانية تشي بمقدرة عالية تجلت في رواية «سيمفونية عباد الشمس» وتمثل ذاكرة نهمة. والمتأمل في أحداثها يجدها وليدة الذاكرة والذكريات إذ استحكمت فعلته ولاسيما أنَّ الرواية تتسم بطابع شعبوي وتصور نماذج من الحكايات بتقنيات سردية تفضي بالقارئ إلى مقاصد فكرية مضيئة الكتابة ترمز لروحها على الورق من خلال وعي اجتماعي بتداخلاته الفكرية والعاطفية، ويتجسَّد الوعي قدرةً وامتاعاً وإشباعاً، إنَّها اختيار واضح لمهارات الروائية الإبداعية، واستجابة واضحة للدخول تحت مظلة الرواية، إذ كان نصها حاجة للتعبير عن حالات وليس عن فكرة خاصة مسبقة، فقد أحسنت الروائية اختيار العنوان، فالسيمفونية قطعة موسيقية تضيء لإنشاد جماعي، ويتكون من ثلاث إلى أربع حركات، أمَّا زهرة عباد الشمس فترمز إلى الأنثى والخصب، ويعني الحبِّ الصامت، وتحمل صفات الزهرة لأنَّها تدور مع الشمس، كونها تُجسِّد شخصية روائية شفافة ورقيقة من خلال فهمها للون وتوصيفاته.
إنَّها مؤشر على الحسِّ الجمالي، بينما صدرت لغة الرواية عن عاطفة صادقة قاربت روح الشعر في بعض من سردياتها، فكانت استجابة لحالة عاطفية تحكم السرد الروائي، فيما يبرز عنصر إنشائي في الجانب اللغوي فرض نفسه على السرد، ولكنَّه جميل. ولم نلحظ وضوحاً للزمان والمكان بل إنَّهما استعصيا على التحديد، كما تمتلك الرواية بشكل عام مقومات نجاحها، حدثاً ولغةً وسرداً، وتُشكِّل دعوة لتجديد خصوصيتنا من خلال صفاء نفوسنا كي يسود الحبُّ.
حلقات متلظية
الدكتورة عائدة الفهد علَّقت على رواية «حلقات متلظية» قائلةً: إنها فصول في الحب تسكن في النفوس الهانئة المتسامحة؛ وليس في شحِّ الخير في البلاد بجلد الذات، وهجرة سكانها في وقت كانت تظهر فيها مدن على جانبي الشوارع. إنَّها حقاً مفارقة في ريشة متلاشية عندما ينسى الفنان الفقير عند الشاطئ تلك الذات المهزومة ليهيم في دجى البؤس والعشق معاً، لأنَّ السلاح يناديه كي ينقذ ما بقي من وطنه، وعليه الآن أن ينسى ذاته، ويترك حقيبة ذكرياته بحثاً عن ملاذه المفقود بين تلك المقابر لعلَّه يجد صكَّ براءةٍ لحضارة بدت بائدة لينهي حصاد عمره وسفره وينجو من هواجس تعصف به كالريح بعد أن احتكرها الظلام في حالة التراب يغدو العالم في جاهلية، وعامل المكر والخديعة سيد الموقف، فالظلام لايستر خنوعه في زمن سمَّاه مواسم التوهان. داهمته حالة اللامبالاة.
يقف أمام منصة الصخب وريح لاهثة تجري نحوه ربَّما كانت تلك اللحظة دعوة للأمل والبحث عن شريك للتسابق إلى سجل ملاحظاته النرجسية، حيث مارس طقوسه الخاصة بعد أنَّ هرب من بلدته وأذعن لمصيره، فأصبح يجد غريماً له في حاويات القمامة.
ليل شكسبيري
كما لفت الأديب غسان حورانية إلى أنَّه عندما يمتزج الحبُّ بالثقافة والعين الحاذقة وسعة الأفق والقدرة على محاكاة أعتى فلاسفة الأدب العالمي وكتاباتهم ثم تجتمع تلك الصفات والمعاني داخل كاتبة لا ينبض قلبها إلا بالحبِّ على الرغم من كلِّ ما جرَّته الحرب من ويلات، فنحن مدعوون للتعريف برواية دسمة لروائية لن ترضي علوم الأرض طموحها، فطالت بأناملها نجمة من السماء، وخطت بها سطور الرواية لتضيء بشعاعها لأبناء وطنها دروب الحياة والأمل، إذ جمعت في رواية «ليل شكسبيري» الحياة، وروت المؤلفة قصصاً فريدة للحبِّ النقي بين أبطال شخصياتها، مُقسِّمةً عملها إلى سبعة فصول متتالية، وجعلت الفصول الستة الأولى ما سمته «ترنيمات» سلطت خلالها الضوء على المعاني السامية يحملها الحبّ والصداقة والنزول إلى السلام، وحملت مقدمة الرواية تأثيرات حرب أثقلت كواهلنا وجرعتنا مرارة الفراق قرأناها بين السطور، وكيف كالت الدنيا بمكيالين عندما حكمت علينا بالأسى والمواجع، وأذاقتنا ألم فراق الأحبة، ومنحت القلة النادرة السعادة المنهوبة من موسم الحب حسب تعبير الروائية في الوقت نفسه. تحفل الرواية في طيَّاتها بكلمات وجمل وتشابيه جميلة يصعب جمعها كلها في سطور قليلة، مُتِّخذة من بعض الأسماء نجوم الفن والأدب أيقونة لمعاني جليلة.
