استمراراً للسلوك الإجرامي والجبان للكيان الصهيوني تأتي جرائمه النكراء والتي استهدفت مدنيين ومقاومين في مجالات الحياة اليومية وعبر عملية قتل جماعي وإرهاب غير مسبوق، واستمرت لثلاثة أيام ذهب ضحيتها آلاف المدنيين والمقاومين بين جرحى وشهداء في لبنان تضاف إلى عشرات الآلاف في غزة والضفة الغربية المحتلة ما يدل على تعطش للدم واستعداد عال للإجرام وهروب من المواجهة المباشرة إلى أساليب الغدر. والخيانة ما تعكس غريزة القتل لدى القادة الصهاينة الذين لم ترو ظمأهم السباحة في الدم الفلسطيني وتعطشهم للمزيد من أعمال القتل.
ومع أن كل ما ارتكب من إجرام بحق الشعب الفلسطيني والعدوان المستمر على لبنان الذي لم يفت في عضد المقاومة اللبنانية بل زاد من إصرارها على إسناد جبهة غزة تحت كل الظروف ومهما بلغ حجم التضحيات مكرسة وحدة الدم الفلسطيني واللبناني، ولعل هذا التلاحم البطولي هو الذي جعل العدو الصهيوني يفقد صوابه، ويصاب بهستيريا غير مسبوقة، ويتخبط في كل الاتجاهات بحثاً عن مخرج من مأزقه الذي وقع فيه بعد أن استنفد كل ما يملكه من أوراق أحرقتها تضحيات المقاومة وصبرها وإيمانها وثقتها بالنصر.
إن ما جعل هذا الكيان المجرم يوغل في إجرامه وحربه بالتقسيط على لبنان المقاوم يعود في جانب منه إلى الصمت المطبق والعجز الدولي عن ردعه وتفلته من كل أشكال العقاب ما جعله يتحول إلى كيان متمرد على كل المواثيق الدولية وشرعة الأمم المتحدة وقواعد الأخلاق والتعامل الإنساني يضاف إلى ذلك صمت غير مفهوم من قبل البعض متفرجين، في مذبحة غير مسبوقة بحق الشعب الفلسطيني في مواقف متناقضة مع مشاعر الشارع العربي والإسلامي والدولي ما يدفع باتجاه تفجر احتقان ذلك الشارع ما يقلب الطاولة على الجميع، ولعل ردود الفعل الخجولة والمتمثلة في عبارات الإدانة والشجب لم تعد كافية في مواجهة ذلك الإجرام غير المسبوق، فهذا العمل الجبان الذي نال من الشعب اللبناني ومقاومته لا يشكل اعتداء على لبنان وحزب الله بل هو عدوان موصوف على الأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء ما يستدعي من هؤلاء جميعاً ليس إدانة وشجب ذلك وإنما اتخاذ المواقف العملية والداعمة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية وتعرية كل داعم لهذا الكيان ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية واستهداف مصالحها حتى يتوقف العدوان على الشعب الفلسطيني واللبناني حتى تستعاد كل تلك الحقوق كاملة غير منقوصة متمثلة بقيام دولة فلسطينية وعاصمتها مدينة القدس الشريف العاصمة التاريخية والروحية للأمة، وكذلك استعادة كل أرض عربية محتلة سواء في الجولان أو المزارع المحتلة في جنوب لبنان.
إن استمرار العدو الصهيوني باعتداءاته تلك ستجعل من سلوكه الإجرامي هذا عملاً اعتيادياً من خلال تكرار الصورة والتطبيع معها، وبالتالي لا تستدعي ردة الفعل المطلوبة من غضب شعبي واحتجاجات عالمية وتحرك على مستوى الرأي العام العالمي يترجم عبر مواقف سياسية على مستوى الدول والمنظمات الدولية سواء مجلس الأمن أو الجمعية العامة ومتابعة ما اتخذ من قرارات في محكمة العدل الدولية أو محكمة الجنايات الدولية، وضرورة ملاحقة القادة المجرمين عبر مذكرات التوقيف التي يجب أن تصدر عن هيئتها التنفيذية وجلبهم للمحاكمة العادلة بوصفهم متهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، وهذا ما يدخل في نطاق اختصاص محكمة الجنايات الدولية ونظامها الأساسي.