الثورة – علاء الدين محمد:
المرسوم رقم 19 لعام 2024 محصلة لجهود كبيرة، استفاد من الثغرات والنواقص التي ظهرت أثناء التعليمات التنفيذية للمرسوم السابق، وعملت على إعداده الخبرات المتراكمة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والأهم جاء بناء على الانتقال من النهج السابق القائم على الإحسان والشفقة إلى النهج القائم على المبدأ الأساسي بالاهتمام بذوي الإعاقة حسب اتفاقية الأمم المتحدة، فقد جاء لصون كرامة الإنسان ككل، وعلى وجه التحديد الأشخاص ذوي الإعاقة.
بهذه الكلمات بدأ الخبير القضائي الأستاذ بشار عبد القادر الجلسة الثامنة من اللقاء الشهري القانوني (أنت تسأل والقانون يجيب) تحت عنوان “المستجدات النوعية التي أحدثها المرسوم ١٩ لعام ٢٠٢٤ الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة”ـ. في المركز الثقافي العربي بالمزة.
وأضاف عبد القادر أن المرسوم حدد البوصلة للتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال المبادئ العامة والمفاهيم الأساسية التي تنظر إلى نقاط قوة ذوي الإعاقة، إضافة إلى العمل على تذليل العقبات التي تعترضهم، ليكونوا فاعلين ومنتجين في الأسرة والمجتمع.. وتأتي أهمية المرسوم من التوقيت المناسب والملح خاصة بعد سنوات الحرب الطويلة على سورية وما خلفته من آثار جسدية وإعاقات متعددة على شرائح عمرية واجتماعية مختلفة، فكان لابد من الوصول إلى هذا المرسوم بالاستعانة بالخبراء والاستفادة من الماضي.
وعرض عبد القادر حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وفق المرسوم ١٩، الحق في الحياة واحترام سلامته الجسدية والعقلية والنفسية على قدم المساواة مع الآخرين، بما فيها الزواج وإنجاب الأطفال وحضانتهم ورعايتهم.. حق الحرية الشخصية وحرية التعبير عن الرأي.. العيش بالمجتمعات بخيارات مساوية للجميع.. التمتع بحرية التنقل واختيار مكان الإقامة.. الحصول على أعلى مستوى من الخدمات الصحية.. التعليم وفق تكافؤ الفرص مع الآخرين.. الحماية التي يوفرها القانون على قدم المساواة مع الجميع.. العمل على قدم المساواة مع الجميع.
إضافة لحق الوصول إلى المعلومات المتاحة للجميع، المشاركة في الحياة الثقافية وفي الألعاب الرياضية والترفيهية والمشاركة في الحياة السياسية والعامة على قدم المساواة مع الآخرين والتقاضي سواء بنفسه عن أو عن طريق من يمثله قانوناً.
وعن نقاط الخلاف بين المرسوم ٣٤ لعام ٢٠٠٤ والمرسوم ١٩ لعام ٢٠٢٤، أوضح عبد القادر أنه مع صدور قانون المعوقين رقم 34 تم تبني الرؤية والاتجاه الشائع في حينه، وأصبحت الإعاقة قضية وطنية، وكان إقرار الحكومة الخطة الوطنية لرعاية وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة في العام 2009 ومحاولة إطلاق البرامج التنفيذية لفعالياتها دليلاً علمياً على جدية التعاطي مع هذه المسالة، أما عن المرسوم 19 فهو صدر في منتصف 2024 ويهدف إلى حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وضمان دمجهم الشامل في المجتمع، بينما كان المرسوم السابق يهدف إلى تنظيم قضايا الإعاقة بما يتعلق بالتعليم والصحة والتأهيل المهني، والحماية الاجتماعية، ثانياً: المرسوم 34 السابق لم يتطرق للتمثيل الأمثل للأشخاص ذوي الإعاقة، بينما المرسوم رقم 19 الحالي، فهو يعتبر أن قضية الإعاقة هي جزء من سياسة الدولة الوطنية تجاه المواطنين في المجال الصحي والاجتماعي والإنساني، وذلك عبر اتخاذ التدابير الملائمة والتشريعية والقانونية والإدارية وغيرها من التدابير المطلوبة، فهو ينطلق من تطلعات المجتمع السوري.
الوزارات المعنية بتطبيقه
وبين أن الوزارة المعنية بتطبيق المرسوم 19 هي: وزارات الصحة، التربية، التعليم العالي والبحث العلمي، الإسكان والشؤون الاجتماعية والعمل، والإدارة المحلية، والإعلام، والاتصالات وتقانة المعلومات، الثقافة والعدل، والنقل.
وحدد التزامات كل من تلك الوزارات سواء منفردة أم مشتركة مع الوزارات الأخرى، ولم يكتف المرسوم بتحديد مسؤولية تنفيذه للوزارات السابقة، لكنه كلف أيضاً بعض الجهات العامة والخاصة بتطبيق هذا المرسوم وهي الاتحاد الرياضي العام ،المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والمنظمات غير الحكومية المديرية العامة للجمارك، المديرية العامة للآثار والمتاحف، المحافظات، المؤسسة السورية العامة للتأمين، المصارف العامة والخاصة، المؤسسات التعليمية، الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، مراكز التأهيل المهني للأشخاص ذوي الإعاقة.
وهنا لابد من الإشارة إلى المجلس الوطني لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة الذي تم ذكره في المرسوم رقم ١٩، فهو المرجع الوحيد للبت بكل المسائل المتعلقة بقضايا الإعاقة ويعنى بوضع إستراتيجية وطنية للإعاقة ومتابعة تنفيذها ورصد حالات الاختلال فيها أثناء التنفيذ، ويعمل على تصويب المسارات وتصحيحها بما يخدم الأشخاص ذوي الإعاقة ويضمن حقوقهم وقيام المجتمع بدوره تجاههم.