تتطلب المناخ الاستثماري المستقر.. الشركات المساهمة خيار للمستثمرين سعيد لـ”الثورة”: تجذر ثقافة الإدارة الفردية
الثورة – دمشق – وعد ديب:
الشركات المساهمة من أهم الشركات التي تلعب دوراً بارزاً في الاقتصاد الوطني، وتعزيز أداء قطاعاته الاقتصادية المختلفة، فهذا النوع من الشركات يتمتع بقدرة كبيرة على جمع رأس المال من خلال طرح أسهمها للاكتتاب العام على جمهور المستثمرين.
هذا إضافة إلى سهولة حصولها على السيولة النقدية من خلال طرح أوراق مالية جديدة عند الحاجة، وبالتالي زيادة رأسمالها بشكل يتيح لها القدرة على تمويل خططها التوسعية بأقل التكاليف، كما يمكن لهذا النوع من الشركات طرح إسناد القرض للحصول على التمويل اللازم لمشاريعها.
وبالتالي فهي تجمع نوعي من الأدوات الاستثمارية (الأسهم والسندات أو إسناد القرض) التي تعد أوراقاً مالية يتم إدراجها في سوق الأوراق المالية، ويمكن تداولها أي شراؤها وبيعها بسهولة بقيمتها السوقية من خلال سوق الأوراق المالية أي إنها تتمتع بسيولة عالية مقارنة مع باقي الأصول المالية.
ولكن.. ما الواقع الحالي للشركات المساهمة في سورية، ولماذا تعد مدخرات بحاجة للاستثمار؟ وماذا تحتاج كشكل قانوني لتوظيف الأموال، وما الدور المرتقب منها، وما العوائق التي تقف في طريقها؟.
مدير الدراسات والتوعية والعلاقات الخارجية في هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية نيفين سعيد قالت في ردها على تساؤلات “الثورة”:
قواعد الحوكمة
يعد الاستثمار في الشركات المساهمة العامة خياراً جيداً للمستثمرين الذين لا يملكون الوقت الكافي والخبرة اللازمة لاستثمار أموالهم، باعتبار أن هذه الشركات تخضع لقواعد الحوكمة، وتُدار من قبل مجلس إدارة، وإدارة تنفيذية مختصة في المجالين المالي والإداري، وذلك تحت إشراف هيئة الأوراق والأسواق المالية.
مضيفةً: إن الشركة المساهمة العامة هي أحد أنواع شركات الأموال التي يتم تقسيم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة، ويتمتع المساهمون في هذه الشركة بمسؤولية محدودة بقدر قيمة أسهمهم فقط، ويتمتع حملة أسهم الشركة من الفئة ذاتها بالحقوق نفسها ويخضعون للالتزامات نفسها.
كيان قوي
ونوهت بأنه تعد هذه الشركة كياناً قوياً مستقلاً مالياً ذا رأس مال ضخم قادر على المنافسة وعلى مواجهة الأزمات المالية، وهي تخضع لإشراف عدد من الجهات الرقابية وفقاً للقطاع الذي تنتمي إليه، وجميعها تخضع لإشراف ورقابة هيئة الأوراق والأسواق المالية منذ تأسيسها وطول مدة حياتها (التي تستمر لمدة طويلة)، كما يتميز هذا النوع من الشركات بوجود تشريعات تنظم عملها وتسهم في نجاحها وتقييم أعمالها وقدرتها على الاستمرار، من أهم هذه الأنظمة الإصدار، الإفصاح والشفافية، وقواعد الحوكمة السليمة والفعالة.
وبحسب- سعيد- فإن من شأن خصائص هذه الشركات القوية أن تلعب دوراً مهماً في مساهمتها في إعادة توزيع الدخل القومي، وتنمية الوعي الادخاري والاستثماري، وبالتالي رفع مستوى معيشة المواطنين من خلال توزيع مكاسب التنمية ونمو الاقتصاد إلى أكبر شريحة من المواطنين حيث تؤمن فرصاً مهمة لتوظيف الأموال وتعزيز القاعدة الإنتاجية في البلاد.
عوائق
ومن أهم عوائق تأسيس هذا النوع من الشركات أو التحول إلى هذا الشكل القانوني – بحسب سعيد- تجذّر ثقافة الإدارة الفردية والعائلية وعدم الرغبة في فصل الملكية عن الإدارة، وعدم الجهوزية المؤسسية للتحول، إضافة إلى تعدد الجهات الإشرافية والرقابية الأمر الذي من شأنه أن يخلق نوعاً من الازدواجية في العمل ويرهق هذه الشركات.
نسبة ضئيلة
وعن عدد الشركات المساهمة وهل تعتبر كافية.. وكيف يمكن أن نزيد عدد هذه الشركات؟ قالت مدير الدراسات والتوعية والعلاقات الخارجية في هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية:بأنه يبلغ عدد الشركات المساهمة العامة /51/ شركة فقط تعمل تحت إشراف هيئة الأوراق والأسواق المالية، وهي لا تشكل إلا نسبة ضعيفة من إجمالي الشركات المرخص لها في سورية.
مقترحات
وتقترح- سعيد – أنه ولزيادة عددها يجب تشجيعها من خلال تسهيل وتبسيط إجراءات تأسيسها وترخيصها، وحصر ترخيص بعض الأنشطة الاقتصادية المتميزة، المجدية، المرغوبة بــ [الشركات المساهمة العامة]، مثل (شركات الإنشاءات والتطوير العقاري- التمويل العقاري- التأمين- الجامعات الخاصة- الصناعات الدوائية- التمويل التأجيري- النقل الجماعي..الخ)، واعتماد الشركات المساهمة العامة كأحد أشكال تطبيق مبدأ التشاركية، وكذلك في عقود الـ (BOT)، ولاسيما مشروعات البنى التحتية، ويجب منح مزايا تفضيلية للشركات المساهمة العامة الصناعية والزراعية والتعليمية والتنموية، بما في ذلك إعفاءات ضريبية للسنوات الأولى بعد التأسيس، وتخفيضات ضريبية للسنوات التالية، إضافة إلى تخفيض ورسوم تأسيسها.
المزايا والإعفاءات
ونوهت بأن صدور قانون التحول إلى شركات مساهمة رقم 11 لعام 2023، يعدّ خطوة في هذا الإطار حيث منح العديد من المزايا والإعفاءات لتشجيع التحول إلى هذه الشركات ولاسيما المزايا المرتبطة بإعادة تقييم الأصول، دون أن تترتب تبعات مالية و/أو ضريبية، وإعفاء المبالغ المخصصة لاستكمال رأس المال إلى الحد الأدنى المطلوب لتأسيس الشركة المساهمة العامة من كافة الضرائب والرسوم المترتبة على ذلك.
الخصخصة
وتعتبر هذه الشركات مدخرات بحاجة للاستثمار.. فكيف نستثمرها لتوليد الدخل، وتحسين العائدات الضريبية؟
بحسب ـ سعيد ـ إن إصلاح القطاع العام الاقتصادي عموماً، والتوجه بشكل أو بآخر نحو الخصخصة يمكن أن يسهم في توجيه الاستثمار لتوليد الدخل.
وكما سبق أن أشرنا يجب توجيه تأسيس هذا النوع من الشركات نحو القطاعات المهمة التي تحقق قيمة فائضة كبيرة ولاسيما في الجانب التنموي وإعطائها دوراً أساسياً حيوياً في الاقتصاد بشقيه الإنتاجي والاستهلاكي معاً، فإذا ما تحققت هذه الأهداف فإن الشركات المساهمة العامة تصبح بالفعل شركات استثمارية تنموية واعدة وذات مصداقية، وتصبح استثماراتها حينئذٍ استثمارات رابحة طويلة الأجل تسهم مساهمةً فعليةً في التنمية الاقتصادية وتسهم في تحسين العائدات الضريبية.
تنمية وعي
وفي معرض ردها على سؤالنا بعد كل ذلك هل نملك ثقافة اقتصادية عن أهمية الشركات المساهمة وقدرتها على تحريك الاقتصاد؟
ردت أنه يجب تنمية وتشجيع الوعي الادخاري والاستثماري لدى شرائح كبيرة من المواطنين التي تفتقر إلى مثل هذه الثقافة، وتقوم هيئة الأوراق والأسواق المالية بنشر نشرات التوعية وبعقد الندوات والورشات لنشر ثقافة الاستثمار في الشركات المساهمة العامة، وتشجيع التجار والصناعيين للتوجه نحو تأسيس هذا النوع من الشركات، وجدواها الاقتصادية ومزاياها الإدارية والتشغيلية والتنافسية وقدرتها على النمو والتوسع والاستمرار، إلا أن ذلك يتطلب تضافر جميع الجهود الحكومية والنقابية وتوفير المناخ الاستثماري والاقتصادي المستقر.