الثورة – ترجمة ختام أحمد:
إن” إسرائيل” عازمة على الاستيلاء على شمال غزة، وهذا ما يفسر تدميرها للمناطق السكنية في المنطقة. كما استهدفت المدارس والمستشفيات، وأُجبرت الناس على الفرار من منازلهم، وقُتل العديد ممن اختاروا البقاء.
ورغم توافر بعض المواد الغذائية وغيرها من الضروريات، فإنها لا تزال بعيدة كل البعد عن الكفاية. ولهذا السبب فإن خطر المجاعة لا يزال قائماً.
وكما حدث في بقية أنحاء غزة وفلسطين، إذ فقد العشرات من العاملين في المجال الطبي حياتهم، ومن بين الفئات الأخرى من الناس الذين وقعوا ضحايا للعدوان الإسرائيلي العاملون في مجال الإعلام.
ولقد لوحظ أن العديد من الأطفال سقطوا أيضاً ضحايا للقنابل والرصاص الإسرائيلي. وهذا النمط تجلى في كل هجوم إسرائيلي تقريباً على غزة خلال السنوات العديدة الماضية.
ورغم أن الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في شمال غزة تندرج ضمن أجندتها الأوسع نطاقاً المتمثلة في التطهير العرقي لفلسطين، فإن شدة عدوانها الحالي في تلك المنطقة تشير إلى أن “إسرائيل” لديها أهداف محددة أخرى.
فقد قيل إنها في عجلة من أمرها لاحتلال الشمال لضمان قدرتها على السيطرة على احتياطيات النفط والغاز قبالة ساحل غزة في أقرب وقت ممكن. وهناك محللون زعموا أيضاً أن “تل أبيب” تريد تحويل شمال غزة إلى منطقة عازلة من نوع ما لتعزيز “أمن إسرائيل”.
أياً كان الدافع الخفي وراء ذلك، فمن غير المعقول أن يُسمح لإسرائيل بالإفلات من العقاب على التطهير العرقي الصارخ لشعب وأرضه. صحيح أن الناس احتجوا، وأدانت جماعات المواطنين ما تفعله “تل أبيب” في غزة وفلسطين ككل. وكانت قطاعات من وسائل الإعلام البديلة تنتقد صراحة ما حدث في غزة والضفة الغربية في العام الماضي منذ 7 تشرين الأول 2023، كما حملت كل من هذه القنوات الإعلامية وبعض جماعات المواطنين “إسرائيل” مسؤولية عدوانها الحالي في لبنان والذي أسفر أيضاً عن مقتل مئات المدنيين.
ومع ذلك، تواصل “إسرائيل” سلوكها الهمجي. لقد اختارت بغطرسة تجاهل أصوات البشرية جمعاء. إنها تحتقر تماماً حتى الآراء المتوازنة للأفراد والجماعات الذين يشكلون جزءاً من قاعدة دعمها الخاصة.
إن أحد الأسباب التي تجعل “إسرائيل” تصرُّ على الظلم هو أن هناك بعض الدول القوية التي تقف وراءها. فالنخبة الأميركية تواصل إغداق الأموال والأسلحة على “إسرائيل”، وهي أيضاً مستعدة دوماً لحماية أخطائها باستخدام حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
والنخبة البريطانية أيضاً مورد مخلص للأسلحة لإسرائيل، كما تستفيد الدولة المارقة من الأسلحة والدعم الألماني.
إن تواطؤ النخب الأميركية والبريطانية مع النخب الإسرائيلية في المذابح المستمرة التي ترتكب بحق الفلسطينيين واللبنانيين يرجع إلى حد كبير إلى أن “إسرائيل” الصهيونية، كما أشار العديد منا في مناسبات عديدة، هي نتاج للمصالح الاستعمارية البريطانية والأميركية في أوائل القرن العشرين.
والواقع أن النخبة الألمانية تحرص على تقديم الدعم الأعمى لإسرائيل. وهي نخبة تفشل في إدراك كيف شجع تأييدها لإسرائيل هذه الأخيرة على ارتكاب القتل والدمار ضد شعب بريء فقد موطنه وأرضه لصالح مغتصبين يتبنون أيديولوجية عنصرية متعصبة.
وهذا هو السبب الذي يجعل جماعات المواطنين ووسائل الإعلام البديلة في ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة تتحمل مسؤولية خاصة في نشر الوعي بمحنة الفلسطينيين وأسباب معارضتهم هم وغيرهم من سكان غرب آسيا لإسرائيل وسياسات الصهيونية.
وإذا نما هذا الوعي وبلغ ذروته، فليس من المستبعد أن تغير الحكومات في هذه المجتمعات الغربية موقفها وتتبنى موقفاً أكثر انتقاداً لإسرائيل فيما يتصل بقضية الحقوق المشروعة للفلسطينيين وغيرهم من ضحايا السياسات الإسرائيلية والغربية المهيمنة في غرب آسيا.
إن مثل هذا التغيير سوف يظل حلماً لفترة طويلة قادمة، وذلك لأن المصالح الخاصة التي تبقي النخب الإسرائيلية والغربية في السلطة هائلة. ولعل أولئك الذين عقدوا العزم على تحقيق ذرة من العدالة في غزة وفلسطين وغرب آسيا لابد وأن يتجاوزوا المناشدات الموجهة إلى النخب الغربية والمؤسسات الدولية التي تسيطر عليها مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ولعل أولئك الذين يناضلون من أجل العدالة لابد وأن يبدؤوا في تسخير بعض الموارد التي يمتلكونها وغيرهم من المرتبطين بهم مثل النفط والغاز، واستخدام بعض الأصول التي تقع ضمن نطاق سيطرتهم مثل الطرق البحرية الاستراتيجية لإجبار النخب الإسرائيلية والغربية على التعقل وفعل ما هو صحيح من الناحية الأخلاقية.
المصدر – كاونتر بانش