الثورة – دمشق – جاك وهبه:
في خطوة جديدة من شأنها تنظيم استيراد بعض مستلزمات صناعة الأحذية، وافقت رئاسة مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية، والتي أثارت ردود فعل واسعة النطاق من قبل الصناعيين والحرفيين، ومنهم رئيس لجنة الدباغة والجلود في غرفة تجارة ريف دمشق، محمد بشار الحلاق، معتبراً أن القرار يهدد قطاع الأحذية والجلديات في سورية.
– قرارات تحاصر الصناعيين..
التوصية الحكومية تضمنت السماح باستيراد مستلزمات صناعة الأحذية، حيث تم حصر استيراد أوجه الأحذية بالمنشآت الصناعية فقط، وضمن طاقتها الإنتاجية، وبحسب المخصصات السنوية بموجب كتاب صادر عن مديريات الصناعة المعنية، مع التأكيد على منع بيع أي جزء من هذه المخصصات للغير، كما سمح لأصحاب المنشآت الحرفية المرخصة العاملة في صناعة الأحذية باستيراد الأنعال والأكعاب وفق مخصصاتها السنوية بكتاب صادر عن مديريات الصناعة المعنية، سواء بشكل شخصي أو عن طريق الجمعية الحرفية، وتم السماح أيضاً للشركة العامة لصناعة الأحذية باستيراد أوجه الأحذية الرياضية (التريكو والمشمع) بعد توريدها لآلات الحقن، إضافة إلى السماح بتمويل أوجه الأحذية (التريكو والمشمع) عبر المنصة، مع تكليف مصرف سورية المركزي بإضافتها إلى القائمة السادسة المرفقة بالقرار رقم 1130/ ل.ا لعام 2023 وتعديلاته.
وعلى الرغم مما يبدو في هذه القرارات من محاولات لدعم الإنتاج المحلي، يرى الحلاق أنها تمثل تهديداً حقيقياً للورش الصغيرة والمتوسطة، قائلاً إن القيود المفروضة على استيراد الأوجه والأكعاب ستؤدي إلى تدمير قطاع الأحذية المحلي وتقويض قدرته على الصمود في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
– من يتحمل العبء الأكبر؟..
وأشار الحلاق في حديث خاص لصحيفة “الثورة” إلى أن القرار يضع ضغطاً هائلاً على المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي لا تملك القدرة على المنافسة مع الشركات الكبيرة، محذراً من أن هذا القرار يلقي بظلاله الثقيلة على قطاع الأحذية والعاملين فيه، مما يهدد بإنهاء حياة مئات الورش والمصانع، وإعدام الفرص المتاحة للمشاريع الجديدة، ويضيف بأن هذه القرارات قد تؤدي إلى تحويل الصناعة الوطنية من صناعة إنتاجية إلى صناعة تجميعية، ما يعني فقدان القيمة المضافة التي كانت الصناعة الوطنية توفرها للسوق المحلية.
– خطر التهريب..
وطرح الحلاق تساؤلات حول كيفية ضبط عمليات التهريب في ظل السماح باستيراد كميات ضخمة من الأوجه والأكعاب المستوردة، محذراً من صعوبة التمييز بين الأوجه الجلدية والمصنعة من مواد أخرى، ما يفتح الباب أمام زيادة التهريب وتقويض الاقتصاد المحلي.
وأضاف الحلاق: “إذا استمرت الحكومة في اتخاذ مثل هذه القرارات، فقد نصل إلى وضع تصبح فيه سورية اقتصاداً استهلاكياً يعتمد على الاستيراد بدلاً من الإنتاج”، مشيراً إلى أن هذا يتناقض مع سياسات دعم الصناعة الوطنية وتشجيع الاكتفاء الذاتي التي لطالما اعتمدتها سورية في الماضي.
– سياسات متناقضة!..
وتساءل الحلاق: كيف يمكن لهذه الصناعة أن تنمو وتزدهر وتنافس في ظل قرار يهدد وجودها؟ وإذا كان المبرر هو فرق الجودة، فلماذا لا يتم استيراد منتجات أخرى مثل المنظفات والدهانات والمواد البلاستيكية ومستحضرات التجميل وغيرها من المنتجات المحلية التي يضطر المواطن إلى شرائها، رغم أن بعضها قد لا يلبي أدنى معايير الجودة؟ ولا نقصد هنا التعميم، فهناك منتجات تشكل مصدر فخر للصناعة السورية، ولماذا لا تطبق قوانين الحماية على هذه الصناعة المحلية كما تطبق على صناعات أخرى، خاصة في ظل التحديات والصعوبات التي تواجه المنتجات الوطنية؟
– نداء للحكومة..
ووجه الحلاق دعوة للحكومة لإعادة النظر في هذه القرارات، مؤكداً أن قطاع الأحذية والجلديات يحتاج إلى دعم فعلي وليس إلى قيود جديدة تزيد من صعوبة العمل في هذا المجال، وناشدها بالعمل على دعم الصناعات الوطنية بدلاً من تقويضها، وتقديم تسهيلات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتتمكن من الصمود والمنافسة في السوق.
في الختام، يبقى قطاع الأحذية في سورية أمام تحديات كبيرة، خاصةً بعد هذه القرارات التي أثارت مخاوف الصناعيين وأصحاب الورش، وبينما يسود القلق حول مستقبل هذه الصناعة الهامة، يبقى الأمل معقوداً على وزارة الصناعة لتقديم توضيح يضع النقاط على الحروف ويشرح الأسباب الكامنة وراء هذا القرار، فالصناعيون والمواطنون على حد سواء ينتظرون رداً شافياً يطمئنهم حول نية الوزارة في حماية ودعم الصناعة الوطنية بما يتناسب مع احتياجات السوق ويضمن استمرار الأعمال وتطورها.