الثورة – سمير المصري:
دفعت الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة ببعض المواطنين للاستغناء عن الكثير من الأشياء الأساسية في حياتهم, خلال العقد الأخير، ليصل الأمر بهم إلى التخلي عن أهم حاجاتهم وهي الصحة وعيادة الطبيب, بسبب التكلفة المادية المرتفعة، وارتفاع أجور معاينات الأطباء واختلافها من طبيب لآخر من دون الالتزام بتسعيرة موحدة للمعاينة خلال الفترة الأخيرة، وبالتالي باتت هذه الأجور ترهق كاهل المرضى وتمنع الكثير منهم من زيارة الطبيب المختص لتشخيص الحالة المرضية.
وفي لقاءات لـ”الثورة” مع بعض المواطنين والمرضى أجمع الكثير منهم بعدم ذهابهم إلى الطبيب مباشرة بسبب ارتفاع أجور المعاينات مؤخراً، والتي أصبحت تتراوح ما بين 40 إلى أكثر من 75 ألفاً، إضافة إلى التزامات أخرى يطلبها الطبيب من تحاليل مخبرية وصور شعاعية ورنين مغناطيسي وطبقي محوري وغيرها ذات التكاليف العالية، ويترتب على المريض دفع تكاليف باهظة بمجرد زيارة الطبيب، لذلك نلجأ إلى أي صيدلية قريبة في الحي أو البلدة وشرح الحالة المرضية للصيدلي قبل إعطائه الدواء المناسب.
ومن خلال جولة على بعض الصيدليات بمنطقة درعا، بين العديد من الصيادلة أنهم يتعاطفوا مع المرضى خاصة ذوي الحالات البسيطة ولاسيما منهم الفقراء وأصحاب الدخل المحدود من خلال مساعدتهم ووصف الأدوية المناسبة لهم، وإعطائهم العلاج من دون وصفة طبية، مبررين دوافعهم كما يوضح أحدهم “أن الطبيب يُرهق المريض بكشفيته، ويزيده إرهاقاً بطلب تحاليل وصور، يعتبرها المريض لا داع لها”.
ويقول الصيدلاني طارق حول طلب المريض للعلاج من دون وصفة طبية: أن معظم من يرتاد صيدليتي أبناء بلدتي من الفئة الفقيرة مادياً، وهناك صعوبة في ذهابهم إلى عيادات الأطباء لضيق الحال وقلة المواصلات، وبالتالي أضطر لأخذ دور الطبيب في تشخيص المرض وإعطاء العلاج المناسب، وأعلم بعدم مقدرته زيارة الطبيب ودفع كشفيته المرتفعة.
فيما الصيدلانية رهام تقول: “لا أجرؤ على وصف الدواء إلا للحالات البسيطة، كالزكام، والسعال، والحالات المرضية الخفيفة، وهناك حالات لابد للمريض من زيارة الطبيب، ولا يلغي أحدنا دور الآخر، فزيارة الطبيب مهمة جداً للمريض”.
وأشار رئيس فرع نقابة الأطباء في درعا الدكتور محمد إبراهيم الزعبي في تصريح لـ”الثورة” إلى ارتفاع أجور المعاينات حالياً مقارنة مع الوضع المادي والمعيشي لمعظم الناس، ومنعت الكثيرين من زيارة الطبيب بسبب عدم قدرتهم وظروفهم المادية الصعبة على دفع تكاليف المعاينات وما يترتب عليها من أمور أخرى.
وكشف عن مذكرة رفعت بهذا الخصوص وحالياً بانتظار الرد والتعليمات من وزارة الصحة والنقابة المركزية لتحديد هذه الأجور بهدف إيجاد حلول تكون مرضية للطرفين.
وأشار د. الزعبي إلى المتابعة المستمرة من النقابة مع الجهات المعنية كوزارة الصحة والنقابة المركزية للتخفيف قدر الإمكان من معاناة المرضى، سواء لجهة أجور المعاينات أم أجور العمليات بالمستشفيات والعيادات الخاصة، والتعاون مع مديرية الصحة والجهات المعنية، بالإضافة إلى التنسيق مع المجتمع المحلي والجمعيات الخيرية لإيجاد آلية للتخفيف قدر الإمكان عن المرضى، مؤكداً أن النقابة على استعداد لمعالجة أي شكوى تصل إلى النقابة بهذا الخصوص وإنهاء الخلاف بين الطرفين.
الكثير من المرضى أصبح يلجأ إلى الحلول البديلة عن زيارة الطبيب والاستعاضة عنها بالصيادلة والصيدليات المنتشرة في المدن والأحياء والقرى بغية توفير الكثير من التكاليف جراء زيارة الطبيب من أجرة معاينة، وطلب تحاليل، وصور شعاعية، وغيرها من المصاريف الأخرى، ويعتبر أكثر المرضى أن الصيدلي يماثل الطبيب، فهو يمارس المهنة ويتعامل مع الدواء بشكل مباشر، ولديه خبرة بتركيب الأدوية وتشخيص الحالة المرضية.