نضال بركات:
لم يكن مستبعداً خطوة نتنياهو إقالة وزير حربه غالانت في يوم انتخابات الرئاسة الأمريكية ليستفرد بالقرار في الحكومة ويتخلص من رجل بايدن الذي كان يخالف نتنياهو في بعض قراراته التي حالت دون تسعير الحرب في جبهات عدة ليسارع وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، بتهنئة نتنياهو في التخلص من غالانت لأن وجوده كان يعيق تحقيق أهداف الحرب، في حين قال غالانت أن إقالته كانت نتيجة خلافات بشأن قضية التجنيد لأن المفروض أن كل من هو في سن التجنيد يجب أن يلتحق بالجيش.
ولكن نتنياهو يخشى من هذه الخطوة التي قد تؤدي إلى فرط الإئتلاف الحكومي وبالتالي فإنه قد يذهب إلى أبعد من هذه الخطوة إلى إقالة قادة جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية، وقال الصحفيان “الإسرائيليان” آفي أشكنازي وآنا بارسكي في “معاريف” إن التقدير السائد في المؤسسة الأمنية هو أن نتنياهو سيقدم على إقالة رئيس “الشاباك” ورئيس الأركان بعد إقالة غالانت، وسيجري عمليات إقالة لكبار المسؤولين في هيئة الأركان العامة أيضاً بهدف تحميلهم الفشل في السابع من أكتوبر بشكل كامل.
ولهذا يريد نتنياهو التفرد بالقرارات حسماً للازدواجية حول خيارات مثل قضية التفاوض ومشروع صفقة تبادل تنهي حرب غزة، لأن الجيش والأجهزة الأمنية وغالانت يؤيدون الصفقة ويحمّلون نتنياهو مسؤولية تعطيلها، كذلك قضية تجنيد الحريديم، وقضية التحقيق في التسريبات الأمنية وهو الدور الذي يملكه وزير الحرب غالانت لتسليم وثائق تطلبها المحكمة من وزارة الحرب بشأن التسريبات الأمنية والتي يمكن ان تتهم نتنياهو شخصياً، وفوق هذا كله هو رغبة نتنياهو في استمرار الحرب إلا أن غالانت وقادة الجيش والأجهزة الأمنية حذروا من خطورة استمرار الحرب لأنها ستتسبب بكارثة خاصة في الجبهة اللبنانية، ولهذا تزداد المخاوف في إسرائيل من انعكاس إقالة غالانت على الجيش الإسرائيلي المهزوم معنوياً بفعل عدم تحقيق أهداف الحرب والمأزوم في الميدان والمستنزف من قبل المقاومة في غزة وفي لبنان.
قرار نتنياهو كان بتخطيط مع وزراء التيار الديني المتطرف من أجل إحكام السيطرة على جميع القرارات الحكومية والتصرف بحرية دون معارضة أحد في الحكومة بعد التخلص من غالانت الذي كان متوافقاً تماماً مع الولايات المتحدة فيما يتعلق باليوم الثاني للحرب في غزة على نتنياهو، وسبق أن طالب غالانت نتنياهو بإعلان موقفه بشكل حاسم من اليوم التالي للحرب والالتزام بعدم إعادة احتلال قطاع غزة، وهو ما لم يفعله نتنياهو الذي ينفذ عملياً خطط اليمين الرامية لإعادة الاستيطان إلى غزة.
من الواضح بأن نتنياهو والوزراء المتطرفين في حكومته يريدون التصعيد واستمرار الحرب على جبهات عدة خلال الشهرين المقبلين أي حتى العشرين من شهر كانون الثاني وهو موعد دخول ترامب للبيت الأبيض بعد أن فاز في الانتخابات الرئاسية، ونتنياهو الذي يعتبر ترامب صديقاً له يعتقد بأنه سيطلق يده في الشرق الأوسط، وأن التعاطي الأميركي في المرحلة المقبلة سيكون معه وحده، بعد خلافاته الكبيرة ولمصلحته الشخصية مع غالانت الذي يشكل عامل ثقة للبيت الأبيض، ولهذا كان قرار نتنياهو إقالة غالانت في يوم الانتخابات الأمريكية لتحصين حكومته من ضغوط البيت الأبيض للتراجع عن هذه الخطوة.
لكن الاعتراضات الكبرى جاءت من داخل الكيان الغاصب من خلال تحرك الشارع رفضاً لقرار إقالة غالانت، والمواقف التي صدرت من قوى المعارضة عدد من المسؤولين الإسرائيليين وأكدت أن “نتنياهو هو أول رئيس حكومة يقدم مصلحته الشخصية على مصالح الكيان وجيشه وشعبه” وهي خطوة تهدف للحفاظ على مستقبله السياسي وقال عضو الكنيست رام بن باراك من حزب (يش عتيد) بالمعارضة إن نتنياهو يفضل بوضوح بقاءه السياسي على أمن إسرائيل وإقالة غالانت ستكون لها عواقب وخيمة”.
ولهذا فإن نتنياهو يحاول استمرار الحرب على غزة ولبنان وتوسيعها لتشمل إيران وتوريط الولايات المتحدة التي لا تريد توسيع هذه الحرب بينما يعتقد نتنياهو بعد فوز صديقه في انتخابات الرئاسة سيكون داعماً كبيراُ له ولكن تصريحات ترامب قبل الانتخابات تشير إلى أنه لا يريد استمرار الحروب، ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن: «الصراع بين «إسرائيل» وحزب الله يشكل الخطر الأكبر على واشنطن لا الحرب في غزة، وهناك قلق من أن يجرّ هجوم «إسرائيل» على لبنان ودولاً عربية مجاورة إلى القتال».
وذكرت الصحيفة، أن «هجوم «إسرائيل» على لبنان يثير قلق إدارة بايدن لأنه قد يتحوّل لقتال بين «إسرائيل» وإيران، ومن المرجّح بشكل متزايد أن ينقل بايدن الأزمة في لبنان إلى خليفته».
وأمام هذه التناقضات لدى نتنياهو واستفراده بالقرارات الحكومية أسئلة عديدة تدور في مخيلة الكثيرين: هل سيحقق ما يريده خلال الفترة المقبلة بعد أن تخلص من غالات؟..
وهل سيلقى نتنياهو دعم صديقه ترامب للاستمرار في إجرامه؟..
هل ستزيد إدارة بايدن الضغط على نتنياهو خلال الشهرين المقبلين لوقف الحرب؟
وهل سيعمد نتنياهو إلى تفجير الوضع في المنطقة وتوريط الولايات المتحدة فيها؟
إن هذه الأسئلة هي عناوين للمرحلة المقبلة , ولكن نتنياهو لا يهتم للأوضاع الخطيرة في المنطقة والتي قد تؤدي إلى دمار كبير في داخل الكيان وهو ما يثير القلق لدى الأمريكيين خاصة وان إيران تستعد لرد قوي على الكيان ناهيكم عن العمليات النوعية للمقاومة اللبنانية في جميع الأراضي المحتلة التي باتت تثير القلق لدى جميع الإسرائيليين خاصة قادة الجيش والأمن في حين المقاومة الفلسطينية ورغم مجازر الإبادة ضدهم فما زالوا يؤرقون قادة الكيان الذين فشلوا في القضاء على هذه المقاومة.