الثورة _ عبير علي:
«تجليات»هو عنوان المعرض الفردي الـ ٢١ للفنان التشكيلي محمد يوسف ديوب،الذي أقيم في صالة الشعب بدمشق، حيث ضم المعرض 52 عملاً فنياً من خلال مجموعات فنية كل منها تمثل تجربة مختلفة..
إنها رؤيا خاصة للفنان تخرج عن المشهد المألوف والكتلة المعمارية، بل هي إعادة صياغة بصرية من خلال مخزون نصي أدبي، يتحول إلى تكوين عبر اللوحة تارةً من نسج الخيال، وتارةً من إسقاط واقع ما، والهروب من المألوف للتحليق إلى عالم مختلف فيه من الحلم والمغامرة والعفوية.يبرز ذلك من خلال تشابك البيوت مع بعض الملامح الآدمية لوجه ما، أو توليفة من التكوينات المختلفة، تُترجم من خلال تقنيات اللون والمواد المختلفة إلى عمق خاص للتركيز.
وفي حديث خاص لصحيفة الثورة، اعتبر الفنان ديوب بأن الأعمال التي تم عرضها خارجة عن أطر المدارس الفنية، ولا تنتمي لأي أسلوب منها، مع الابتعاد عن أي تأثير من التصنيف التقليدي النقدي لأي عمل فني، من خلال الرؤية النقدية لأسلوب الأعمال، التي هي حصيلة تجريب فني له بأسلوب مختلف، يبتعد فيه عن الحداثة إلى ما بعدها.لافتاً إلى أنها رؤيا مستقبلية بمعالجة فنية غير تقليدية، فلا يمكننا التصنيف على أن المعالجة خالصة بالمائي أو إكريليك أو زيتي، بل هو مزيج من الألوان المختلفة والأكاسيد والمواد الخام والورق على القماش والمواد المثبتـة الطبيعية.وحول تصنيف المجموعات الفنية التي ضمها معرضه تجليات قال ديوب: المجموعة الأولى: تمثل لقاء اليابسة مع المياه والسماء، وربما توحي لخريطة أو قرية متعبة، والسماء يتغلغل فيها البحر وتخرج عن المألوف البصري في مشهد المدن أو القرى، لكن تم التصرف بأسلوب المعالجة الشكلية مع التجريب التقني بالمواد المختلفة الملونة، ولنبتعد عن مفهوم اللون التقليدي وتسمياته وتصنيفه،إضافة إلى لمسات عفوية ممكن معالجتها بالفرشاة أو من خلال أصابع اليد بتصرف عفوي.أما المجموعة الثانية: فتدخل مع المواد السابقة والأكاسيد بتقنية ثانية، من خلال توليف أوراق وصور من الصحف والتعامل معها بطريقة أقرب للكولاج، ولكن ليست كذلك بالمعنى الدقيق، لأنها تأتي عبر مزيج لوني اشتق من الألوان الترابية مع خليط الرمل والخشب ومسحوق القهوة مثلاً.. لتواجد الكثير من المواد المختلفة حسب كل عمل فني.بينما المجموعة الثالثة: عُولجت من خلال المواد المهملة ورقية أو قماشية، بطريقة التوليف ومعالجة التكوينات وضبط اللون، ولكن بحرية مطلقة والدخول في حالة عفوية عند تشكيل اللوحة، وربما في حالة لا وعي لإضفاء روحانيات ومصداقية عبر القماش.في حين احتوت المجموعة الرابعة: نوع من التنوع سواء من خلال المقاسات أو المواضيع، فقد ظهرت بعض الوجوه بمعالجة رمزية واختزال المساحات والملامح. وهذا القسم يكرس بانوراما فنية لتجارب الفنان عبر عقدين من الزمن مثلتها هذه المجموعة المنتقاه من اللوحات.وأشار ديوب إلى أن المعرض كان من المفترض أن يحتوي أكثر من 70 عملاً فنياً، ولكن تم اختزال العدد بما يناسب صالة العرض، التي تم اختيارها لخصوصيتها وتميزها بالمساحة لعرض التجارب، وكان من الأفضل المشاركة بلوحات من المقاس الكبير، ولكن لاستغلال المساحة بعرض أكبر عدد من الأعمال لتمثل الهارموني الشكلي، كان الاختيار للمجموعات بنوع من الحرص والتأني لعمل توليف بصري متكامل، يشعر معه زوار المعرض بتفاعلية مشهدية مع الأعمال الفنية، للخروج عن مألوف اللوحة الجدارية وعين المشاهد.معتبراً أنه رغم اختلاف المعالجات والتقنيات، تؤلف مجموعة الأعمال في معرضه مواضيع متكاملة، في سياق مشروع متكامل لرؤيا خاصة للعمارة، وعلاقة البيت بالإنسان وهي علاقة تفاعلية، لذلك يختلف نمط العمارة من مكان لآخر، باختلاف الناس بالشكل وإن جمعتهم مشاعر ورؤى متشابهة هو السر في التنوع والتآلف في آن واحد.وفي الختام أكد الفنان ديوب أن المعرض فرصة لرحلة تفاعلية بين اللوحة والمشاهد، من خلال بانوراما اللوحات والاستماع لآراء المشاهدين والفنانين والنقاد، للارتقاء بطريقة معالجة اللوحة، ولإضفاء معاني وصقل التجربة والغنى الفني للأعمال القادمة، ولتجهيز عرض فني جديد لمشروع متكامل أكثر عفويةً وأكثر غنىً.لافتاً إلى أن تجاربه الفنية السابقة مع معرضه الحالي «تجليات» هي مقدمة لمشروع قادم مختلف، بدأ فيه من حوالي السنة ولكن لم تتبلور نتائجه بعد، وستكون هناك تقنيات جديدة يُدخل من خلالها الصورة الفوتوغرافية واللوحة الرقمية، إضافة إلى تقنيات حديثة لم تُقدم من قبل، فهو لديه هاجس التجريب والبحث دوماً عن الأحدث.