الثورة – طرطوس – سمر رقية:
في اليوم العالمي لحماية المرأة من العنف أقام المركز الثقافي العربي في طرطوس بالتعاون مع مؤسسة همم المستقبل ندوة بعنوان “إستراتيجيات حماية النساء والفتيات من العنف”، تناولت تعريف العنف وأنواعه وآثاره على المرأة والمجتمع، وطرق الوقاية للقضاء على هذه الظاهرة.
بمشاركة مجموعة من المحاضرات في كلية التربية.
والوقفة الأولى كانت مع الدكتورة ميسم وطفة، والتي عرفت العنف بأنه اعتداء موجه ضد المرأة ومظهر من مظاهر ممارسة القوة، أو علاقة غير متكاملة بين الرجل والمرأة، وبينت أن منظمة الأمم المتحدة عرفته بأنه اعتداء واضح، ويشمل أعمالاً عنيفة تمارس بشكل متعمد أو غير متعمد نحو النساء، والنتيجة إحداث أذى جسدي ونفسي وجنسي، والمعنف هو الرجل سواء (الأب، الأخ، الابن، الشريك العاطفي.)
وأشارت إلى أن الأذى الجسدي هو الأكثر وضوحاً، ويتجلى بالضرب وترك آثار واضحة على الجسم.
وأوضحت أن العنف النفسي والعاطفي، من أشكاله التهديد الدائم بالطلاق والتهديد بالحرمان من الأطفال، والتنمر المستمر على شخصية الأم أمام الأولاد، والإهمال والطرد من المنزل، والتقليل من شأنها، وأيضاً العنف الجنسي المتمثل بالتحرش الجنسي والاغتصاب، والإكراه على الحمل والإجهاض.
وبينت أن العنف الاقتصادي، يتجلى بالإصرار على التبعية المادية للرجل وحرمانها من التعليم ومن العمل، وإذا كانت عاملة، القيام بمصادرة حريتها بالتصرف بمرتبها الشهري، والعنف الإلكتروني يتجلى بالتشهير على وسائل التواصل الاجتماعي وابتزازها، وأيضاً هناك العنف الصحي كمنع المرأة من مراجعة الطبيب رغم المرض وإهمالها وقت المرض، وعدم الاهتمام بغذائها أثناء المرض أو بعده، والعنف الاجتماعي وهو أقدمها بدءاً من وأد البنات وليس انتهاء بزواج القاصر.
تربية سليمة معافاة
أمام كل هذا العنف الممارس من قبل الرجل، علم النفس أراد إنصاف الرجل وأراد معرفة أسباب كل هذا العنف الذي يمارسه وبكل أشكاله، وبينت د. وطفة أن أسباب ذلك نشأة الرجل في جو أسري معنف، والشعور بالنقص، وانتشار البطالة والوضع المادي السيئ، إضافة لاضطرابات نفسية وصراعات، وعدم تواصل صحيح بين الزوجين، ودعت لتربية الرجل التربية السليمة المعافاة منذ صغره، بأن الجنس الآخر الأنثى مثلها مثله في الحقوق والواجبات، وهذه التربية تبدأ من المنزل وتستمر بتضافر جميع الجهات التعليمية والاجتماعية للوصول إلى جيل واع قادر على تأسيس أسرة نموذجية تعرف حقوقها وواجباتها.
الأم هي المعلم الأول
الدكتورة ديما عمران بدأت حديثها بمقولة (سعادة المجتمع تقوم على سعادة المرأة)، والأم هي المعلم الأول والقدوة الأولى لأطفالها.
متسائلة ماذا ينتج عن العنف؟! موضحة أن للعنف آثاراً عديدة، وقد تمتد لعدة أجيال منها آثار جسدية، ومنه تدني مستوى الصحة للمرأة، وإصابتها بمجموعة من الأمراض المزمنة والجروح والحروق، وهناك الآثار النفسية زيادة معدلات القلق والاكتئاب والتقليل بثقة المرأة بنفسها، والصحة النفسية تتأثر بسبب العنف ويتزايد شعور المرأة من الخوف اقتصادياً يتزايد شعور المرأة من الخوف من الرجل ،بينما تتضح الآثار الاقتصادية بفقدان فرص التعليم والعمل وبالتالي الفقر وحاجتها للآخرين الزيادة في تكاليف العلاج وتكاليف في الجهات القانونية كالمحاكم وغيرها، وهناك آثار أسرية تأثر الأطفال وتعرضهم للأذى والرهاب والاكتئاب، ويصبح الجو الأسري مشحوناً، وبالتالي تدني تحصيلهم الدراسي، ويصبحون أكثر عزلة، والأخطر وضوحاً الآثار الاجتماعية، كالانحراف، والطلاق، وانعزال المرأة، بل قد تحمل المرأة العنف للآخر لولدها أو لعملها.
الوقاية والعلاج
من جهتها أشارت الدكتورة ريم سليمون إلى أن أي إستراتيجية لحماية المرأة من العنف لا بد من تحقيق المساواة بين الجنسين، ويتطلب نهجاً متعدد الأبعاد، صحياً ونفسياً واقتصادياً وإلى ما هنالك.. !
وكذلك أي إستراتيجية لحماية المرأة من العنف لا بد من أن تشمل عدة محاور، منها تكفل الدولة بضحايا العنف مثل توفر مكاناً آمناً وتوفر ميزانية خاصة، لذلك قد يتطلب الأمر العلاج أو الدخول في المحاكم، وأيضاً ضمان عدم إفلات الجاني من العقاب، وإنتاج المعرفة وتطويرها ونشر ثقافة الوعي.
معايير لحماية المرأة
وتابعت د سليمون أن هناك معايير أساسية لحماية المرأة من العنف، أهمها توفر خط ساخن، ووجود مكان آمن لتخفيف الآثار، سواء على الصعيد النفسي أم الصحي، لا بد من وجود مركز استشارات وتوفر الرعاية الصحية والإنجابية، والاستماع للمرأة الناجية من العنف، فقد تكون غير قادرة على التعبير عن نفسها، والأمر المهم تثقيف الشباب حول الزواج المبكر، والتعريف على دلالات سوء المعاملة، وتدريب المرأة وتعزيز قدراتها على كسب المال واستغلال الانترنت ونشر حملات توعية مستمرة من خلاله.
ولفتت د سليمون إلى أن الأهم من كل ذلك وضع خطط لحماية المرأة من العنف، والتنسيق مع المنظمات والهيئات الدولية ذات الشأن التي تهتم بالأسرة، من حيث الحقوق والواجبات، واعتراف الدولة بقيمة الحركة النسائية، وتفعيل الهيئة السورية للأسرة والإسكان لتشمل كامل الجغرافية السورية لأنها مفعلة حالياً بأربع محافظات فقط.
ولا بد من تضافر جميع الجهود لحماية المرأة والكل معني بذلك من خلال التركيز على التربية التي تبدأ بالبيت وتستمر في المدارس والجامعات وحتى ميادين العمل، مع التأكيد أنه لا فرق بين الجنسين من حيث الحقوق والواجبات، وأيضاً يبقى الدور الأكبر للمؤسسات الثقافية والإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي بنشر الوعي وطرح شعار “أن حماية المرأة مسؤولية الجميع”.
ونوهت بأن الوحيد الذي يدفع ضريبة العنف في العالم هم الحلقه الأضعف النساء والأطفال جراء الحروب المدمرة، وخير مثال على ذلك المرأة الفلسطينية منذ متى وهي تدفع فاتورة العنف، ومؤخراً نساء وأطفال غزة هم من وقع عليهم الظلم الأكبر والعنف من دون تحريك ساكن.