يبدو أن القرار قد اتخذ واعتُمدت المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر أولاً، والمتوسطة ثانياً كأساس أو حجر زاوية يبني عليه الاقتصاد السوري نهضته انطلاقاً من عجلة الإنتاج التي يبدو أن المشروعات هذه ستدوّرها، وتضمن تزايد سرعتها بشكل مضطرد وصولاً إلى تحقيق ما نصبو إليه.
وعلى اعتبار أن الاختيار قد تم بشكل نهائي، واليوم افتُتحت ورشة العمل المركزية المخصصة لشؤون تمويل هذه المشروعات كون التمويل هو الأساس لأن الأفكار والأشخاص الفاعلين والراغبين بالتنفيذ موجودون، يبقى التمويل الذي سيُقسم ما بين المصارف والجهات التمويلية والجهات المانحة الأخرى كالمنظمات المانحة حتى نكون قد باشرنا السير.
هنا لابد من الانتباه إلى ناحية غاية في الأهمية وقعت في مطبها كل الهياكل التنظيمية السابقة التي عُنيت بهذا القطاع، بدءاً من هيئة مكافحة البطالة التي اعتُبر عملها استثنائياً وصُرفت لها يومذاك نفقات خيالية بدءاً من السائقين وصولاً إلى رئيسها، في وقت كان فيه الاقتصاد مزدهراً، فتسببت بتكاليف أكثر بعشرة أو مئة ضعف مما أنجزت، مروراً بهيئة التشغيل وتنمية المشروعات والتي لم تكن موفقة على الإطلاق، وصولاً إلى الصيغة الأخيرة وهي هيئة تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة.
كل ما ذكرناه سابقاً من هياكل، كلها كانت تصطدم بعائق واحد وهو آلية التمويل.. وأين يجب أن يكون التمويل.. فالجهات التمويلية ترى بأن عمل الجهات المعنية بهذا القطاع يجب يقتصر على الدراسة والترخيص، ومطابقة المحددات مع ما يقدم إليها، والجهات التمويلية تمنح التمويل بعد موافقتها وعلى مسؤوليتها وضمن الضوابط التي تحفظ لها حقوقها.
وفي نفس الوقت يرى خبراء في هذا القطاع ومفاصل في هيئته وبعض من كان فيها من مديرين عامين، يرى بأن التمويل يجب أن يكون رهناً بالهيئة نفسها أو الجهات المشرفة على القطاع، بحيث ترسل إلى البنك أن اصرف كذا لفلان، وهي مشكلة يجب إيجاد الحل لها وإلا فإننا سنبقى ندور في الفراغ بشكل لا نهائي، عائدين إلى الصفر في ذات المشكلة.. وبالتالي فإن إيجاد الحل لها أو الصيغة الكفيلة بضمان التطبيق تعني أننا خطونا الخطوة الأولى على الطريق الطويل المفضي إلى النهوض بالاقتصاد الوطني.
لعل ورشة العمل هذه تضع اليد على الوجع كونها معنية بشكل مباشر بالتمويل، ولا تدخل في تفاصيل إدارية ودهاليز المترادفات اللغوية عقيمة الجدوى الصالحة فقط للتعجيز.
مباشرة النقاش حول التمويل ولا شيء غير التمويل يعني دوراً محورياً لهذا القطاع خلال عقد من الآن إن أُحسن العمل عليه.. ومما يبدو، فإن العمل محكم والنتيجة ستكون لصالح الاقتصاد.