الثورة – جاك وهبه:
في خطوة لإعادة ترتيب السياسة النقدية في سوريا، أصدر مصرف سوريا المركزي قراراً يقضي بوقف العمل بقبول أو تجديد الودائع بالقطع الأجنبي للمصارف العاملة في سوريا لدى مصرف سوريا المركزي، كما أعلن عن وقف إصدار نشرة معدلات الفائدة على الودائع بالعملات الأجنبية، وبموجب هذا القرار، سيتم تحويل قيمة كل وديعة من الودائع الموظفة بتاريخ استحقاقها إلى الحساب الجاري النقدي للمصرف المعني، بالإضافة إلى تحويل مبلغ الفائدة المستحق أصولاً.
تقليص الطلب
القرار يعتبر من الخطوات التي يسعى من خلالها المصرف المركزي إلى تحقيق استقرار نقدي أكبر لليرة السورية، فمن خلال إيقاف الودائع بالعملات الأجنبية، يتم تقليل حجم التعامل بالعملات الأجنبية داخل النظام المصرفي، ما يساعد على تقليص الطلب على الدولار الأمريكي والحد من تداعياته السلبية على سعر صرف الليرة السورية، إضافة إلى تخفيف الضغط على احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية، والتي تعد أحد أبرز القضايا التي تواجهها السلطات النقدية في سوريا.
بعض المخاطر
في هذا السياق، بين الخبير الاقتصادي فاخر قربي في تصريح خاص لصحيفة الثورة، أن القرار يمثل محاولة جدية من قبل المصرف المركزي والسلطات الاقتصادية للحد من أزمة الليرة السورية ومنع الانهيار المتسارع للعملة المحلية، بالإضافة إلى وقف تدفق العملات الأجنبية بشكل غير منظم إلى السوق السوداء، لافتاً إلى أنه وعلى الرغم من هذه الأهداف الإيجابية، إلا أن هذا القرار يحمل في طياته بعض المخاطر التي قد تتفاقم في المستقبل.
قلق المواطنين
وأوضح قربي أن القرار قد يعزز من استخدام الليرة السورية في المعاملات اليومية، لكن في المقابل قد يُثير قلق المواطنين الذين يسعون للحفاظ على أموالهم في شكل ثابت، خاصة مع تزايد معدلات التضخم الذي يُفقد قيمة العملة المحلية بشكل مستمر، وهو ما قد يدفعهم إلى البحث عن وسائل بديلة للاحتفاظ بأموالهم بعيداً عن الليرة، مثل تحويلها إلى عملات أجنبية أو حتى اللجوء إلى أسواق موازية.
خطوات إضافية
وفيما يتعلق بنجاح القرار، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن هذا يعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة والمصرف المركزي على اتخاذ خطوات إضافية لتعزيز الثقة في الليرة السورية، وبين أن ذلك يتطلب تحسين الوضع الاقتصادي المحلي من خلال زيادة الإنتاج المحلي وتطوير القطاعات الاقتصادية الحيوية، بالإضافة إلى فتح قنوات استثمارية جديدة، ومحاربة الفساد الذي يعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على الاقتصاد الوطني، وأكد أن النجاح في تحقيق هذه الأهداف من شأنه أن يسهم في استقرار السوق المالية ويساعد على تقليل التذبذب الحاد في سعر الصرف، ما يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي بشكل عام.
إدارة التداعيات
في الختام، يبقى السؤال حول مدى قدرة السلطات النقدية على إدارة تداعيات هذا القرار، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المعقدة التي تمر بها البلاد، وهل سيتمكن المصرف المركزي من تحقيق الاستقرار النقدي والاقتصادي الذي يسعى إليه، أم أن هذه الخطوة ستشكل بداية لمخاطر اقتصادية جديدة تضاف إلى التحديات الحالية.
#صحيفة_الثورة