“الثورة” تفتح الحلقة 1 من ملف العمالة الفائضة.. 30 % حجم المنتجة مقابل 70% زائدة

الثورة – تحقيق هلال عون:
ربما لا يختلف اثنان على ضرورة إعادة الهيكلة بسبب العمالة الفائضة وسوء توزيعها.
العمالة الفائضة في مؤسسات الدولة، والطريقة الأمثل للاستفادة من القدرات الإنتاجية لها.. شكّل محور الحوار الشامل الذي أجرته صحيفة الثورة مع خبراء في الإدارة والاقتصاد والموارد البشرية.
غياب ثقافة العمل الخاص

البداية كانت مع الاستشاري والخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي الدكتور فادي عياش، الذي أوضح أن دراسات وبحوثا عديدة حول سوق العمل في سورية تشير بوضوح إلى مشكلات وأخطاء جوهرية ، يمكن اختصارها بالنقاط التالية:
– القوانين والتشريعات المتعلقة بالعمل ولا سيما قانون العاملين الموحد والتأمينات.
– ثقافة العمل السائدة التي تعتمد على العمل بأجر ولا سيما في القطاع العام.. وبالتالي غياب ثقافة العمل الخاص وريادة الأعمال.
– التوجهات الاقتصادية والسياسية والتي انحازت للبعد الاجتماعي على حساب البعد الاقتصادي في القطاع العام.
– غياب المؤسساتية وبالتالي عدم موضوعية معايير الترشيح والتعيين والتقييم والترقية والتحفيز.
الشفافية والمساءلة
وبيّن أن أهم مظاهر المشكلة الناتجة عن تلك العوامل تتمثل بما يلي :
– ضعف الأداء لغياب الشفافية والمساءلة، وانتشار الترهل والفساد والمحسوبية، وانكفاء الكفاءات واستبعاد الخبرات .
– فائض كبير في العمالة من دون عدالة التشغيل،  حيث نجد أن 30% من العمالة فقط منتجة وفاعلة (منها 90% مستفيدة ومنتفعة)، مقابل 70% عمالة فائضة محملة كعبء على الشريحة الأولى الفاعلة، وبذلك ظهرت البطالة المقنعة، ويجب ألا تتجاوز نسبة العمالة في القطاع العام 10% من القوى العاملة، بينما كانت لا تقل لدينا عن 22%.
20 دقيقة عمل فقط
– تراجع شديد في معدل الإنتاجية نتيجة لما سبق، إذ قدرت إنتاجية العامل بقرابة 20 دقيقة خلال 8 ساعات عمل، وهذا انعكس على مستوى الإنتاج والخدمات كماً ونوعاً .
– سوء توزيع العمالة أدى إلى فائض ونقص في العمالة في آن واحد، لذلك نجد فائضاً في العمالة الإدارية مع نقص كبير في العمالة الإنتاجية .
اقتصاد الظل
– ارتفاع كبير في معدلات البطالة الفعلية والمقنعة وانتشار كبير لنشاطات اقتصاد الظل، وتتراوح نسبة البطالة وفق عدة تقديرات بين 55% وحتى 85%، وشكل اقتصاد الظل بمفاهيمه المختلفة قرابة 90% من الاقتصاد الكلي.
– تراجع كبير في الدخل والقدرة الشرائية، وبالتالي تراجع كبير في الطلب الفعال، وهذه كانت إحدى السياسات الخفية للنظام البائد في محاولاته البائسة لتثبيت سعر الصرف وتخفيض عجز الموازنة.
وأوضح د. عياش أنه على مستوى التحليل الكلي ساهمت هذه الحالة في الوقوع في فخ الركود التضخمي الجامح.
محاولات فاشلة
وبيّن أنه أمام هذا الواقع الخطير حاول النظام البائد معالجة هذه المشكلة من خلال إطلاق ما سمي (مشروع الإصلاح والتطوير الإداري)، ولكن في الواقع وكالعادة لم تكن النتائج أقل سوءاً، كما تم العمل على مشروع قانون عمل جديد منذ 2017 ولكنه لم يبصر النور، ولذلك كان من الضرورة والأهمية بمكان إعادة الهيكلة المؤسساتية بكل ما تشمله هذه العملية على مستوى التنظيم والموارد البشرية والتشريع والأهداف وحتى التوزع الجغرافي.
ريادة الأعمال
وأضاف أنه يمكن أن تكون المعالجة الأنسب لمشكلة فائض العمالة هي في برامج التدريب المضمون والتي تساعد العمالة الفائضة على اكتساب المهارات الضرورية لتصبح فاعلة وكفوءة وتوظيفها في أعمال جديدة مناسبة، وهذا يقتضي بالضرورة التوسع الأفقي في فرص العمل من خلال تغيير ثقافة العمل واعتماد ثقافة ريادة الأعمال والعمل الخاص، وتشجيع الاستثمار، وتيسير الإجراءات من الترخيص إلى التمويل إلى التحفيز والتسويق.
و قال د. عياش أنه من الأساليب الممكنة للتشجيع على ريادة الأعمال والعمل الخاص هو تأمين التمويل المناسب والميسر مثل القروض التنموية من دون فوائد، والتي تساعد وفق معايير اختيار دقيقة على تخفيض المخاطرة والتكاليف عند إقلاع المشروعات الصغيرة وتسهم في نجاحها.
معايير للفرز
أما على المدى القريب، فيمكن اعتماد طريقة فرز العمالة حسب معايير محددة وعادلة تتعلق بالمؤهلات والخبرات والإنجازات وحتى الرغبات، وبالتالي تحديد الحاجة الفعلية من العمالة المناسبة لاعتمادها في المؤسسات بعد هيكلتها بما يضمن الفاعلية والكفاءة في الأداء والإنتاجية والجودة، وزيادة الرواتب والأجور لهذه الفئة بما يتناسب مع معدلات التضخم وتحرير أسعار المواد المدعومة ويساعد في تحريك الطلب الفعال في الأسواق.

أما العمالة الفائضة وفق المعايير السابقة ذاتها، فيمكن إخضاعها لبرامج تدريب متخصصة تتناسب مع مؤهلاتهم وتبقى خلالها رواتبهم حسب المعمول به مع ملاحظة تعويض فرق أسعار المواد المدعومة المحررة، وبعدها يمكن إعادة دمجهم في سوق العمل بفاعلية أفضل سواء في القطاع العام أو خارجه، وهذا يتطلب على التوازي السرعة في تهيئة ظروف إعادة تشغيل القطاعات الإنتاجية في المرحلة الراهنة.
تعزيز الكفاءات
بدوره المحاضر في مجال الاقتصاد الإداري والإدارة العامة وإدارة الموارد البشرية، الدكتور عبد المعين مفتاح، بيّن أن إعادة الهيكلة في مؤسسات الدولة ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة حتمية لتحقيق الانتقال من اقتصاد احتكاري ريعي مترهل إلى اقتصاد سوق تنافسي حر .
ويمكن تلخيص الضرورات من خلال، تعزيز الكفاءة المؤسسية للتكيف مع متغيرات السوق العالمية، والتخلص من البيروقراطية المفرطة، وتقليص الهدر في الموارد، وضمان اتخاذ القرارات بناءً على معايير مهنية واقتصادية، وتحقيق الشفافية والمساءلة، وتحفيز الاستثمار، وتطوير البنية التحتية الاقتصادية، وكذلك تعزيز دور القطاع الخاص، وإصلاح النظام الضريبي.
المشاريع الصغيرة والمتوسطة
وعن الطريقة الأمثل للاستفادة من قدرات العمالة الزائدة، قال د. مفتاح: العمالة الزائدة هي واحدة من التحديات الكبرى التي تواجه إعادة بناء الاقتصاد السوري، لكنها أيضاً فرصة لإطلاق طاقات هائلة إذا أُديرت بشكل سليم.
وأضاف: استراتيجية الاستفادة من هذه العمالة من خلال التدريب وإعادة التأهيل، والتوسع في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والاستثمار في القطاعات الإنتاجية، وكذلك التوظيف المؤقت في مشاريع البنية التحتية، وتشجيع ريادة الأعمال، إضافة إلى تعزيز الاقتصاد الاجتماعي، وإطلاق برامج العمل المرن.
وختم د. مفتاح بالتركيز على البعد الاجتماعي والإنساني لافتاً إلى أن كل خطوة في إعادة الهيكلة أو معالجة العمالة الزائدة يجب أن توفر للمواطن له الأمان الاقتصادي والاجتماعي. يجب أن يتم إشراك العمال في صنع القرارات التي تمس حياتهم، مع التأكيد على أن الهدف النهائي هو بناء سوريا جديدة يشارك فيها الجميع ويستفيد منها الجميع.
#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
بقيمة 12 مليون دولار.. الزراعة: تصويب مشاريع قائمة للسنوات الأربعة القادمة مع "الآغا خان" جامعة دمشق لأول مرة ضمن تصنيف التايمز البريطاني للتخصصات الدفاع التركية: مهمتنا في سوريا مستمرة الدكتور الشرع يطلع على احتياجات الكوادر الطبية والمرضى بمستشفى دمشق "BBC news": خطر الألغام ومخلفات نظام الأسد على السوريين وفد بيلاروسي في ضيافة سوريا أفق للتعاون بالشكل الأمثل والصحيح زارت صحيفة "الثورة.. الصحفية الفرنسية إيميلي: أكبر مشاهداتي رعباً سجن صيدنايا وآثار التعذيب على الضح... محطتا "حلب والزارة" عادتا للخدمة.. برجاوي لـ "الثورة": نتواصل مع شركات عالمية لبناء محطات جديدة الشيباني لـ "فايننشال تايمز": نسعى إلى بناء اقتصاد مزدهر الدكتور الشرع يبحث مع "الصحة العالمية" و"صندوق الأمم المتحدة" الرعاية الصحية الأولية الصفدي: السوريون يعيدون بناء وطنهم الحر الموحد "Euractiv": سوريا تنهي الوجود الروسي في البحر المتوسط "دافوس" .. سوريا ترسم ملامح حضورها على الخريطة الاقتصادية العالمية "المركزي" يسعى لخطوات ناظمة تعيد الاستثمار إلى مكانه الصحيح والأكثر فائدة هيئة الاستثمار في طور إعادة الهيكلة الاستثمار بالزراعة أولاً إيقاف الودائع بالقطع الأجنبي.. خطوة جريئة أم مخاطرة اقتصادية؟ "البسطات العشوائية".. ظاهرة تتفاقم وباتت مشكلة فرنسا تصدر مذكرة اعتقال بحق الأسد الدمار في حلب.. وحشية بلا حدود