الثورة_ راغب العطيه:
تتحدث جدران وأقبية القضاء العسكري في العهد البائد عن فظائع وإجرام نظام الأسد بنسختيه الأولى والثانية، حيث تثير المشاهدات في نفسك رعباً وفزعاً، بالرغم من أنها خالية إلا من رماد الأضابير التي تم حرقها على عجل، وبزّات عسكرية متناثرة في بعض الأماكن تدل على أن أصحابها تخلصوا منها وغادروا المكان بلباس مدني.
ومن يشاهد التقرير المصور الذي أجراه “العربي الجديد”، والذي كشف بشكل يدمي القلوب كيف أن مئات آلاف أو ربما ملايين الأضابير والوثائق السرية التي تم إتلافها عن طريق الحرق قبل أن يصل الثوار إلى المكان، يتعرف على جزء بسيط مما قامت به محاكم النظام البائد العسكرية، و”الميدانية” منها على وجه الخصوص بحق كل سوري أفصح عن توقه للحرية والكرامة.
في هذا المكان كان يصدر القسم الأكبر من أحكام القتل والإعدام والإخفاء القسري وبشكل تعسفي بعيداً عن أي شكل من أشكال القانون والإجراءات القضائية، فالمعتقلين وخاصة منهم السياسيين مثلاً في السجن العسكري الأول (سجن صيدنايا)، والأحكام تصدر غيابياً بحقهم من هذا المكان.
وفي تصفح لبعض الوثائق المصنفة بالسرية للغاية وغير قابلة للتداول يتبين بشكل لا لبس فيه أن هذه المحاكم نصبت بشكل صوري واتخذت أحكامها وقراراتها بقرارات سياسية، فحواها (أن الموت والتغييب والاعتقال والإخفاء ) هو مصير كل من يصدر عنه ولو بالإشارة معارضته لنظام الأسد المجرم.
وبالرغم من أن معظم الوثائق تم حرقها، إلا أن رمادها بحد ذاته شاهد حي على فظاعة الجريمة التي ارتكبت بحق مئات آلاف السوريين خلال ٥٤ عاماً من حكم الدكتاتورية الأسدية، والملفات والوثائق السرية التي نجت من الحرق والعبث بها كفيلة أن توصل الجلادين إلى حبل المشانق لما ارتكبوه بحق أحرار سوريا لأكثر من نصف قرن.
#صحيفة_الثورة