الثورة – حمص – سلوى إسماعيل الديب:
الشعر مرآة الروح تعبر عن مكنونات النفس، فتخرج آهات وعبرات وأحياناً ضحكات، فيمتلك البعض الجرأة والشجاعة فيحمل الهم الوطني، نقف اليوم من على منبر فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب لنتابع محاضرة بعنوان “آفاق في التجربة الشعرية للشاعر محمد وليد المصري”، يلقيها الدكتور غسان لافي طعمة بحضور عدد من أعضاء الاتحاد ورواده وسنتناول بعض ما ورد فيها.
يقول الدكتور طعمة: تمتد التجربة الشعرية للمصري أربعة عقود من الزمن، إذا نحينا مجموعته الشعرية الخاصة بالأطفال “وقالت مدى” التي نالت الجائزة الأولى على مستوى الوطن العربي في مسابقة الشيخة فاطمة لثقافة الطفل العربي.
وعن مجموعته الثانية “سلمون” الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب لعام ١٩٨٦، يقول الشاعر: هأنذا، وهذا شعري، إنني أغرد في سرب شعراء الحداثة في هذا الوطن، ولكن تغريدي مختلف في نغماته، في قراراته، وفي جواباته، مختلف في الرؤيا التي يعبر عنها.
يضيف: بدأ الشاعر منذ مجموعته الأولى كشاعر رؤيوي يحمل رسالته الشعرية والحياتية صليباً، ومن لا تحمل رسالته الشعرية والحياتية صليباً على كتفه نظامٌ وليس شاعراً، وبين الاثنين مسافة شاسعة يقول:
صليبي على الراحتين /وحلمي منارة/ أنا والحسين
قتيلان في كل بيت وحارة
وأشار طعمة إلى رؤية المصري والركائز التي اعتمدها، الركيزة منها: الأرض بكل ما تعنيه، حيث كان يتواصل وريدياً وفكرياً وإنسانياً مع أبيه الفلاح الذي كان يمقت الجفاف.
وأم الشاعر الحقيقية والرمز “نزهة عبد النبي” الذي يظهر جلياً تعلقه الصوفي بها، والأم الرمز هي الخصب والعطاء والحب الأبدي، فيقول: أعرف صوتك/ يا بني أحبك، قلبي عليك، نعم سيأتي في النوم وحي ويهديك عرساً وعيداً.
أما ثالث الركائز: شهرزاد الحقيقة، الزوجة، الرمز، العشق الحكايات، الخصوبة، الذكاء، وطارد الهموم.
أما رابع الركائز: الإنسان في مداه الأرحب، أفليس الأب والأم والحبيبة نهر الخصوبة الذي يصب في محيط الإنسان الذي لا شطآن له، الإنسان التواق إلى الحرية بفضائلها اللا محدودة، مشيراً إلى تميز قصائده بالتكثيف الذي لم يفقد القصيدة شفافيتها، ويقوم على عدة أسس.
وأضاء طعمة على مجموعته الثانية للمصري”تناسخ” قائلاً: في المجموعة طموح لتحقيق المعادلة بين الشعر والحياة انطلاقاً من التمسك بالجذور، أتت القصيدة مقطعاً يكثف الحياة في بؤرته، وتأتي الحياة مقطع قصيدة تكثف الشعر في بؤرتها.
المتلقي في قصائده يلمس قدرة حكائية كبيرة في صياغة القصيدة، فيقول: راحل صوب البراري /أشتهي شمساً عتيقة/ بين صوتي وحصاري/ يرسم الصبح حديقة/ علق القصاب لحمي / عرسوا حول الذبيحة/ حزق السكين عظمي.
أما عن المجموعة الثالثة “عزف الدم” فيقول طعمة: يؤكد الشاعر بأنه يمتلك أوتاره المزدانة بالمفردات الشعرية التي تحمل ألق الشعر ورؤاه، لذلك يأتي العزف شفيفاً.
وعن المجموعة الرابعة “سماء الأسئلة مفتوحة” يقول طعمة: هي قصيدة مطولة تشكل ديواناً كاملاً ذا موضوع واحد هو الوجد الإنساني والأدبي، وإذا كانت التفرعات موجودة في هذا الموضوع وقد عنونها الشاعر: هلال أول، هلال آخر، صفصاف لوائح العشق.
أخيراً: تناولت المحاضرة الكثير من التفاصيل الممتعة عن تجربة الشاعر الراحل، وضع فيها الدكتور غسان لافي طعمة بصماته ورؤيته الخاصة.