عندما يصبح البناء هشاً.. متى نوقف زحف الإسمنت المهرّب؟

الثورة – تحقيق جاك وهبه:

تشهد الأسواق السورية في الآونة الأخيرة انتشاراً واسعاً للإسمنت المهرّب، الأمر الذي أثر بشكل كبير على صناعة الإسمنت المحلية، التي كانت تعاني أساساً من تحديات عديدة فرضتها الظروف الاقتصادية الراهنة.
ميزان العرض والطلب
دخول الإسمنت المهرّب بأسعار أقل وبجودة غير مضمونة أدى إلى اختلال ميزان العرض والطلب، وخلق حالة من الفوضى في السوق، ما انعكس سلباً على المعامل المحلية وقدرتها على الاستمرار في الإنتاج والمنافسة.
حول هذا الموضوع، سلط ممثل وزارة الصناعة والمكلف بتسيير العمل في الشركة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت ومواد البناء “عمران” المهندس محمود فضيلة، الضوء على أبعاد هذه الظاهرة وتداعياتها، والإجراءات المتخذة لمواجهتها.
منافسة غير عادلة
وأوضح فضيلة، في حديث خاص لصحيفة الثورة، أن دخول الإسمنت المهرّب إلى السوق السورية كان له أثر سلبي عميق على الصناعة المحلية، حيث تسبب في انخفاض أسعار الإسمنت السوري بشكل ملحوظ، مع إغراق السوق بكميات كبيرة من الإسمنت غير المطابق للمواصفات القياسية الوطنية.
وأشار إلى أن الإسمنت المهرّب يُباع بسعر أقل بنسبة 15% مقارنة بالإسمنت المنتج محليا، ما جعل المنافسة غير عادلة وأضعف من قدرة المعامل السورية على الحفاظ على حصتها السوقية.
غياب الرقابة
وأضاف أن أبرز التحديات التي واجهت معامل الإسمنت الوطنية تمثلت في غياب الرقابة الفعالة على المعايير والمواصفات، إذ يدخل الإسمنت المهرّب إلى السوق من دون أي تدقيق أو التزام بالمواصفات، مما لا يهدد فقط الصناعة المحلية، بل يمتد ليشكل خطراً على جودة البناء في مرحلة إعادة الإعمار التي ستشهدها سوريا قريباً، حيث إن استخدام مواد غير مطابقة قد يؤدي إلى مشكلات إنشائية خطيرة.
كتاب رسمي
وكشف فضيلة أنه لمواجهة هذه الظاهرة، قامت الشركة العامة للإسمنت برفع كتاب رسمي إلى الجهات الحكومية المعنية، مطالبة بتشديد الرقابة على الحدود واتخاذ إجراءات صارمة لوقف تدفق الإسمنت المهرّب، معتبراً أن استمرار هذه الظاهرة سيؤدي إلى أضرار بالغة على المدى الطويل، ليس فقط على قطاع الإسمنت، بل على الاقتصاد السوري بشكل عام.
كما نوه بأن الشركة بصدد طرح عدة منتجات إسمنتية متنوعة، منتجة محلياً وفق المواصفات القياسية السورية، تلبي حاجة السوق والمستهلكين على حد سواء، ما يسهم في تعزيز حضور المنتج المحلي في السوق.
وبين فضيلة أن معامل الإسمنت اضطرت إلى خفض أسعار منتجاتها بنسبة 10% تقريباً في محاولة منها للاستمرار في السوق وعدم إيقاف خطوط الإنتاج، على الرغم من التكاليف المرتفعة التي تتحملها هذه المعامل في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة ونقص الموارد.
اهتمام المستثمرين
وأشار إلى أن دخول الإسمنت المهرّب أدى إلى انخفاض الإنتاج في العديد من المعامل نتيجة ضعف الإقبال على المنتج المحلي، إلا أن قطاع الإسمنت ما زال يحظى باهتمام واسع من قبل المستثمرين، سواء من الشركات العربية أم الأجنبية، التي ترى في السوق السورية فرصاً كبيرة، خاصة في ظل الحاجة المستمرة لمواد البناء في مشاريع إعادة الإعمار.
قضية أمنية
ورغم التحديات الراهنة، أعرب فضيلة عن تفاؤله بمستقبل قطاع الإسمنت في سوريا، مؤكداً أن ظاهرة التهريب لن تستمر طويلاً، إذ تعمل الجهات الرسمية على معالجتها بشكل جذري، لافتا إلى أن تهريب الإسمنت قد يكون وسيلة لتهريب منتجات أخرى، ما يجعل الأمر قضية أمنية يجب التعامل معها بحزم.
ولفت إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تحسنا في ضبط السوق، مع توقعات بزيادة الطلب المحلي على الإسمنت نتيجة المشاريع العمرانية القادمة، ما يعزز من فرص استعادة المنتج المحلي لمكانته ويضمن استمرار عمل المعامل الوطنية بكفاءة.
حماية المحلي
ختاماً.. في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه صناعة الإسمنت في سوريا، يبقى الأمل معقودا على الجهود الحكومية لضبط الأسواق وحماية المنتج المحلي من المنافسة غير المشروعة، ورغم انتشار الإسمنت المهرّب، إلا أن القطاع لا يزال يتمتع بفرص استثمارية كبيرة، ما يجعل من الضروري العمل على دعم المعامل المحلية وتعزيز قدراتها الإنتاجية لضمان استمراريتها ومساهمتها في إعادة بناء سوريا.

#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
في أخطر سنوات عدوان النظام البائد على شعبنا.. هكذا زادت رسوم تراخيص البناء بنسبة 900% الدكتور الشرع يتفقد الخدمات في مستشفى اللاذقية توقعات بنمو اقتصاد المعرفة إلى 75% مع بداية 2025 أبناء الرقة يناقشون همومهم ورؤاهم مع اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني وفد قبرصي في دمشق.. نيقوسيا تبحث رفع العقوبات الأوروبية عن سوريا الرئيس الشرع والسيد الشيباني يستقبلان وفدا قبرصيا رفيع المستوى بازار "ألوان سوريًة".. طباع لـ"الثورة": إقبال عربي ودولي و160 سيدة أعمال شاركن بالبازار دعماً لمستشفى درعا الوطني.. رجل الأعمال موفق قداح وأبناؤه يقدمون 200 ألف دولار تعاون مع  "أطباء من أجل حقوق الإنسان" لتعزيز الطب الشرعي انطلاق الجلسة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في السويداء تجمع أبناء الجولان المحتل بدرعا:  النظام البائد باع الجولان وهمش أهله ونقف مع إدارة سوريا الجديدة هل تستعيد حلب دورها الاقتصادي؟ الاحتلال الإسرائيلي يضع بوابة على مدخل المحمية الطبيعية في بلدة جباتا الخشب في الجولان غراندي: تعزيز جهود التعافي المبكرة في سوريا ضرورة لعودة اللاجئين سوريات يخلقن فرص عمل.. مشاريع منزلية بعضها يعود إلى 45 عاماً استجابة لما نشرته "الثورة".. نقل درعا تعيد دائرتها للصنمين مدرسو كلية الفنون الجميلة تجمعهم كلمة "سوريا" محمد المحاميد.. الشهيد الذي وُضع في ثلاجة الموتى حياً وكتب وصيته على جدرانها بدمه "الولاية القضائية العالمية وتوثيق وأرشفة الأدلة" بورشة متخصصة بدرعا صباح الوطن الجميل من بصرى التاريخ