الثورة – رفاه الدروبي:
يتميَّز الدهان الدمشقي بجمالياته وألوانه المبهرة ذات المدلولات الطبيعية وبتزيينه للجدران والأسقف بشكل بانورامي يدوي جميل، ولعلَّ “القاعة الشامية” المنُقولة من أحد القصور التاريخيَّة الدمشقيَّة إلى متحف دمشق، تعتبر الأشهر والأقدم.
شيخ الكار ماهر بوظو بيَّن في تصريح لـ”الثورة” أنَّ الحرفة تعود إلى الحقبة الأموية، وأوَّل عمل كان في القدس الشريف ثم انتقلت إلى دمشق حيث احتضن الجامع الأموي أولى لوحاتها لتنتشر لاحقاً في معظم البيوت الدمشقيَّة، مُوضِّحاً أنَّ كلمة الدهان تعني: الزخارف والنقوش على الأسقف والجدران، كما ورد في “قاموس الصناعات الشَّاميَّة لمحمد سعيد القاسمي”.نال الحرفي بوظو شهادة شيخ كار في الدهان الدمشقي ودكتوراه فخريَّة من ألمانيا في مجال الزخرفة النباتيَّة والهندسيَّة، وشارك بمعارض داخليَّة وخارجيَّة، أما أسرار الحرفة فتعلَّمها عند الحرفي محمد نهاد جزماتي، واطلع على الكتب والمجلدات المعنيَّة بالتراث السوري بما يخصُّ الرسومات والتصاميم، أسَّس ورشته الخاصَّة عام ١٩٨٩، تاركاً بصماته في السفارة السورية في “الرياض، الجامع الأموي في مدينة حلب، قصر الوفاء الملكي للمناسبات في منطقة ببيلا، معرضه في حاضنة دمر التراثية”.
يرى بوظو أنَّ العمل اليدوي يتطلب مهارات إبداعيَّة وفنِّيَّة خاصَّة، بينما يتمتَّع الحرفيون بقدرة فريدة على تحويل المواد الخام إلى أعمال فنِّيَّة مُذهلة تُعبِّر عن هويَّتهم وأفكارهم، فكلّ قطعة يدوية تحكي قصة وتُمثل جزءاً من قلب وروح صانعها، المحافظ على التراث المادي.
عمل شيخ الكار بوظو يبدأ بأخذ قياس المكان المراد زخرفته لإنجاز التصميم وتنفيذ العمل عند النجار، ثمَّ تليه مرحلة تصميم الزخارف النباتية، ووضعها بمكانها المناسب، حيث يتوجَّه للتلوين وفق مراحل عدَّة تدريجياً، تبدأ بمرحلة الأساس، ويكون الطلاء من كلِّ الأماكن للمحافظة على الخشب بعد تنزيل المادَّة النافرة عبر مواد خاصَّة ليتمَّ التعشيق بينها وبين الخشب ما يؤدِّي إلى المتانة، ويتمُّ التلوين بمواد محليَّة الصنع، ويمكن استخراج عدَّة ألوان من الألوان الرئيسة، إضافة إلى استخدام ورق وماء الذهب والفضَّة، ثمَّ تُزين بالورود وتُحدَّد باللون الأسود، وفي خاتمة المطاف يجري إجراء الرتوش الأخيرة عليها.
#صحيفة_الثورة