الثورة – مها دياب:
العقد الاجتماعي هو اتفاق ضمني بين الأفراد والدولة، حيث يتنازل الأفراد عن بعض حقوقهم وحرياتهم، وهي ثلاثة: حقُّ المساواة، بألاَّ يتدخل أحدٌ في حياة الآخر، وحقُّ الحريّة، وهو أنْ يفعلَ الإنسان ما يريد دون أن يتعدى على غيره، وحقُّ المِلكية، يضمن لكلِّ واحدٍ الحق في التملك مقابل الحماية والحفاظ على النظام الاجتماعي، ويكون هذا العقد أساساَ للسلطة السياسية والشرعية في الدولة.
السؤال المطروح هنا ماذا يجب أن نراعي عندما نشرع بالاتفاق على صياغة العقد الاجتماعي وكتابة الدستور؟ وللإجابة عليه تحدث لـ”الثورة” الباحث الاجتماعي محمد البيطار- عضو جمعية خريجي المعهد الوطني للإدارة العامة عن العقد الاجتماعي وعن مفهومه الحديث نسبياً ومن يقوم بمهمة صياغة الدستور.
أساس بناء الدول الحديثة
بدأ الباحث حديثه عن تاريخ العقد الاجتماعي الذي يعتبر أساس الدولة الحديثة والتي بدأت بالتشكل بعد الثورة الفرنسية، رغم أن له جذور تاريخية من بداية وعي الإنسان من حيث ضرورة العيش ضمن تجمعات.
كما أشار إلى أنه في تاريخنا الإسلامي، عندما قرر الرسول صلى الله عليه وسلم الهجرة إلى المدينة وبناء دولة الإسلام فيها، تم الاتفاق على وثيقة سميت وثيقة المدينة والتي كانت مهمتها تنظيم العلاقة بين جميع مكونات المجتمع المدني (مهاجرون من قريش والأنصار من الأوس والخزرج واليهود)، ضمن شروط خمسة وهي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والمال، والنسل.
وأضاف: هنا نؤكد أنه على أي عقد اجتماعي أو دستوري يجب أن يراعي هذه المقاصد، وتكون بمثابة خطوط عريضة له.
العيش بأمان وحرية
وأكد البيطار أن ما يهم المواطن ضمن العقد الاجتماعي بهذه المرحلة الفارقة بحياته وفي تأسيس الدولة أن يعيش آمناً على حرية اعتقاده، وآمناً على نفسه، وآمناً على عقله وماله ونسبه.
أما بالنسبة لشكل الدولة ونظام الحكم فيها، وضرورة فصل السلطات وعلاقة السلطة التشريعية بكل من السلطتين القضائية والتنفيذية، وصلاحيات كل منها فهي تفاصيل رغم أهميتها تترك للمختصين و للحاكمين في الدولة.
قانون الطوارئ
واستكمل حديثه حول ضرورة إلغاء قانون الطوارئ الذي نادت به النخبة المثقفة مع بداية الثورة على النظام البائد، الذي رافق أكثر السوريين منذ ولادتهم، واستغلت السلطة الحاكمة آنذاك جهل غالبية الشعب بمواد هذا القانون، رغم أنهم يسمعون به كثيراً ويتداولون الخلاف حول منعه من إبقائه دون معرفة، وهذا ما استغلته آنذاك السلطة الحاكمة البائدة بالسؤال الذي طرح حينها من قبلهم، ماذا تعرف أنت عن قانون الطوارئ الذي تريد إلغاؤه؟
وعندما طرح شعار الحرية، كان الجواب منهم بعد أن تم التدمير والتهجير بإعادة طرح السؤال على الشعب مجدداً أليست هذه الحرية التي تريدون؟.
وأضاف: إن المواطن غير مطلوب منه معرفة قانون الطوارئ، كما أن صياغة تعريف شامل ومتكامل للحرية، ليست من مهامه أو اختصاصه، بل هي تصاغ ضمن الدستور من قبل المختصين.
متى يشعر المواطن بالمشكلة
وبين البيطار أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا متى يشعر المواطن أن هناك مشكلة بالمنظومة الدستورية والقانونية في بلد ما؟ وما هو الثمن المتوقع لإعادة صياغة هذه المنظومة؟ قال إنه بالأصل الإنسان في حال العيش المستقل يملك حرية مطلقة بكل شيء، ولكن عندما يعيش ضمن جماعات منظمة، عليه أن يتخلى عن جزء من هذه الحرية وبشكل متساوِ من قبل باقي المجموعة، ومن هنا نشأت فلسفة العقد الاجتماعي، وتتم ترجمته على أرض الواقع من خلال المنظومة الدستورية والقانونية التي يجب أن تحكم البلد، من خلال دستور يحوي قواعد ومبادئ واضحة تراعي الاتساق الداخلي، وعدم التناقض، ولأنه حال التناقض يؤدي ذلك لخلل كبير في بنية الدولة.
إذاً فالدستور يجب أن يوضع ضمن أسس واضحة، أن يضمن الحرّية، والديمقراطية، وأن يضمن الحقوق بالتعبير عن الرأي، والعمل والأمن والمساواة والاستقرار، والمصداقية في التمثيل، وفصل السلطات، والقبول بالحكم التداولي للسلطة.
#صحيفة_الثورة
