الثورة – ناصر منذر:
بعد استكمال جلسات الحوار في المحافظات التي أجرتها اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، والاستماع لمختلف الآراء والتوجهات، بدأت اليوم أعمال المؤتمر كخطوة أولى في مسار وطني طويل يتطلب عملاً جماعياً مستمراً لبناء هوية وطنية سورية جديدة تحفظ السلم الأهلي وتحقق تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل يليق بتضحياته.
الشيباني: سوريا جزء لا يتجزأ من محيطها
وخلال كلمة له في افتتاح المؤتمر أكد وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال أسعد الشيباني أن سوريا عملت بعد التحرير وفق سياسة خارجية متزنة، تقوم على الانفتاح والحوار والدبلوماسية الفاعلة، مرتكزة على مبادئها الثابتة باحترام السيادة الوطنية، والتعامل مع الآخرين على أساس المصالح المشتركة، وذلك بعد أن واجهت سابقاً ظروفاً استثنائية لم تقتصر على حرب ممنهجة من قبل النظام المجرم، بل امتدت إلى محاولات العزل السياسي والاقتصادي.
وقال الشيباني: ” لقد كان نهجنا واضحاً من البداية، سوريا جزء لا يتجزأ من محيطها، وهي تؤمن بأن العمل الإقليمي والدولي هو السبيل لمواجهة التحديات التي تهدد دولنا وشعوبنا، ومن هذا المنطلق، شهدت المرحلة الماضية حضور سوريا في مؤتمرات دولية مهمة كمؤتمر الرياض ودافوس وباريس وميونخ والقمة العالمية للحكومات في الإمارات العربية المتحدة ومؤتمر العلا في المملكة العربية السعودية، وسنشارك خلال الأيام القادمة في القمة العربية الوزارية ثم الرئاسية، إضافة إلى زيارة واستقبال كل الدول الفاعلة في المنطقة والعالم، وهذا ما يشكل خطوة مهمة في مسار استعادة الدور السوري الفاعل على المستوى الإقليمي والدولي”.
نجحنا في تعليق بعض العقوبات
وأضاف الشيباني وفق ما ذكرته “سانا”: “نجحنا من خلال الدبلوماسية الفاعلة والتواصل المستمر مع الدول الصديقة في تعليق بعض العقوبات وتخفيف آثارها، عبر تعزيز التعاون الاقتصادي مع دول حليفة، والبحث عن بدائل تساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي للشعب السوري، حيث كنا واضحين في مواقفنا بأن هذه العقوبات غير شرعية، ولا تستند إلى أي أساس قانوني أو أخلاقي، بل تستخدم كأداة للضغط على إرادة الشعب السوري، وهو ما أدركته العديد من الدول التي بدأت مراجعة سياساتها تجاه سوريا.
التوازن والانفتاح
وتابع الشيباني: “السياسة الخارجية لسوريا الجديدة تتركز على التوازن والانفتاح، من خلال تطوير علاقات متينة مع الدول التي احترمت سيادتها، من دون أن تغلق باب الحوار مع أي طرف يرغب في إعادة بناء علاقاته معها على أساس الاحترام المتبادل، إضافة إلى التمسك بالثوابت الوطنية، فلم ولن نقبل بأي مساس بسيادتنا أو استقلال قرارنا الوطني، وسنبقى نعمل وفق سياسة تحفظ مصالح الشعب السوري بعيداً عن أي ضغوط أو إملاءات خارجية”.
تعزيز التعاون الإقليمي والدولي
وأشار الشيباني إلى أن سوريا تركز على تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، لأنها تؤمن بأن الأمن والاستقرار فيها ينعكس إيجاباً على المنطقة والعالم، ولهذا واصلت جهودها في تعزيز التعاون مع شركائها بالمنطقة في القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية، إلى جانب العمل على إعادة الإعمار ورفع العقوبات، والسعي لبناء شراكات حقيقية مع الدول الراغبة بالمساهمة في إعادة إعمار سوريا، وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتعاون في مختلف المجالات.
وأكد الشيباني أن سوريا التي واجهت التحديات وصمدت، قادرة اليوم على إعادة بناء علاقاتها، بما يحقق مصالح شعبها ويعيد لها دورها الريادي في المنطقة، مجدداً التأكيد على استمرار العمل الدبلوماسي الجاد مع كل الدول التي تؤمن بالحوار والتعاون من أجل مستقبل أكثر استقراراً وعدلاً للشعب السوري وشعوب المنطقة.
علوش: خارطة طريق للمرحلة المقبلة
من جهته، قال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر ماهر علوش: استكمالاً لمؤتمر النصر الذي أعلن انتصار الثورة السورية العظيمة على نظام الاستبداد، يأتي مؤتمر الحوار الوطني الذي نجتمع من أجله اليوم، حيث بدأت عملية الحوار بين السوريين لحظة إسقاط الأسد، وشهدت المناطق السورية حوارات جادة تنطلق من الحرص على بناء الدولة السورية الجديدة، وتوجت تلك الحوارات بتكليف رئيس الجمهورية اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، بهدف تنظيم تلك الحوارات وتحويلها إلى مخرجات عملية تشكل خارطة طريق في المرحلة المقبلة.
وأوضح علوش أن اللجنة التحضيرية وضعت خطة عمل تركز على عقد مؤتمر الحوار الوطني بحضور شخصيات وطنية ذات كفاءة عالية وكانت على مسارين، الأول رسم خارطة الاستماع للسوريين لتحديد الأفكار الأساسية التي ستتم مناقشتها في المؤتمر، والثاني وضع المعايير التي على أساسها سيتم تمثيل ألوان الطيف السوري، ثم عقد سلسلة كبيرة من اللقاءات وورشات العمل ولا سيما تلك الجلسات الحوارية المركزية في المحافظات.
وتابع علوش: “استمعنا إلى نحو 4000 رجل وامرأة من مختلف المكونات، وأجرينا العديد من الحوارات، بهدف الاستماع لمختلف الآراء والأفكار، واستمعنا خلالها أيضاً لأكثر من 2000 مداخلة، واستلمنا أكثر من 700 مشاركة مكتوبة، وبينما كانت اللجنة تعقد جلساتها الحوارية في المحافظات، كانت الفرق المساعدة تجمع البيانات والأفكار والمقترحات التي طرحت في اللقاءات، للعمل على استخراج المحاور الأساسية التي دارت حولها أغلب حوارات السوريين”.
وأشار علوش إلى وجود شبه إجماع لدى السوريين حول 6 محاور هي: العدالة الانتقالية، والبناء الدستوري، والإصلاح المؤسسي، والحريات العامة والحياة السياسية، والمبادئ الاقتصادية العامة، ودور منظمات المجتمع المدني في بناء وتأسيس الدولة السورية.
أتاسي: يوم تاريخي
وأوضحت عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر هدى أتاسي أنه تم استقبال الوفود القادمة من كل المحافظات في قصر الشعب، وقالت: “اليوم يوم الحوار الوطني، اليوم التاريخي، يوم يقرر الشعب مستقبل سوريا الحديثة”.
وتضمن برنامج اليوم من فعاليات المؤتمر عقد جلسات لورشات العمل، إضافة إلى الجلسة الختامية، التي تشمل الاجتماع العام والمناقشة، وقراءة البيان الختامي والكلمة النهائية.