الثورة – جاك وهبه:
لطالما كانت الحلويات جزءاً أصيلاً من المائدة الرمضانية السورية، إلا أن ارتفاع أسعارها الجنوني جعلها تخرج تماماً من حسابات معظم العائلات.
المشكلة لم تعد في ارتفاع التكاليف فقط، بل في الفجوة الشاسعة بين الأجور والأسعار، مما جعل حتى أبسط الكماليات، مثل شراء الحلويات، حلماً بعيد المنال.
أسعار تحلّق
وفقاً لجولة قامت بها صحيفة الثورة في الأسواق، بلغ سعر كيلو المعمول حوالى 290 ألف ليرة سورية، بينما وصلت الحلويات العربية، مثل البقلاوة والمبرومة، إلى 320 ألف ليرة، في حين سجلت النواشف المشكلة سعر 120 ألفا للكيلو، هذه الأرقام تُعادل راتب موظف حكومي تقريبا، مما يجعل شراء الحلويات أمراً شبه مستحيل لكثير من العائلات.
يقول أسامة عبيد، وهو أب لثلاثة أطفال: زمان كنا نشتري الحلويات بالكيلو، واليوم صرنا نشتري بالحبة أو حتى نتفرج ونمشي، صار الأهم تأمين الأساسيات مثل الخبز والخضار.
بين التكاليف والاحتكار.. من المسؤول
يرى البعض أن ارتفاع أسعار الحلويات مبرر بسبب زيادة تكاليف الإنتاج، من المواد الأولية إلى أجور العمال، ولكن هل هذا السبب الوحيد؟ في الواقع، هناك عوامل أخرى تلعب دوراً كبيرا، منها غياب الرقابة الفعلية على الأسواق، واحتكار بعض التجار للمواد الأساسية، مما يخلق موجة ارتفاع غير مبررة في الأسعار، كما أن بعض الحلوانيين باتوا يستغلون المناسبات لرفع الأسعار بشكل يفوق المنطق، بحجة ارتفاع التكاليف، بينما يحققون هامش ربح ضخم لا يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن العادي.
بدائل محدودة وحلول غائبة
أمام هذه الأزمة، بدأ البعض بالبحث عن بدائل، مثل تحضير الحلويات منزليا، لكن حتى هذا الخيار لم يعد مجديا، إذ ارتفعت أسعار الطحين والسكر والسمن إلى مستويات عالية، ومن جهة أخرى، اختارت بعض العائلات الحلويات الأرخص، مثل العوامة والمشبك والقطايف، لكن السؤال: إلى متى سيبقى المواطن مجبراً على التخلي عن عاداته بسبب غياب سياسات اقتصادية قادرة على ضبط الأسواق؟
موسم بلا فرحة
المؤسف أن رمضان، الذي كان شهر الخير والكرم، تحول في نظر الكثيرين إلى موسم للحرمان والتقشف القسري، ومع غياب أي بوادر لحل اقتصادي حقيقي، واستمرار الأسعار في التصاعد، يبدو أن الحلويات التي كانت يوماً جزءاً من البهجة الرمضانية ستصبح رفاهية لا يتمكن من الاستمتاع بها سوى قلة قليلة.
يبقى السؤال: هل ستتحول الحلويات في رمضان إلى مجرد ذكرى من الماضي؟ أم أن هناك أملا في تصحيح المسار الاقتصادي وكسر الاحتكار، بحيث تعود مائدة رمضان لتشمل الجميع، لا فقط من يملك القدرة على مجاراة الأسعار المجنونة؟
#صحيفة_الثورة