ضبط حركة الدراجات ضرورة لحماية قلعة حلب والمواقع الأثرية

الثورة – جهاد اصطيف;

تشهد مدينة حلب في الآونة الأخيرة انتشاراً واسعاً لظاهرة الدراجات النارية، التي تتجول بحرّية في محيط خندق قلعة حلب، أحد أبرزالمعالم التاريخية في المدينة، ما أثار استياء المواطنين والزوار لما تسببه من تشويه للمشهد البصري والسمعي، في منطقة تعدّ من أهم مواقع التراث العالمي.
صحيفة “الثورة” تابعت الموضوع، وتواصلت مع مديرية الآثاروالمتاحف في حلب لمعرفة الإجراءات المتخذة للحدّ من هذه الظاهرة، وتسليط الضوء على الخطط الجارية لحماية المدينة القديمة وصون مواقعها الأثرية.

وحدة تراثية متكاملة

مديرة مكتب مديرالآثار والمتاحف بحلب، شيرين شعبان نابو، أوضحت أن مدينة حلب مسجلة رسمياً على لائحة مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو، الأمر الذي يفرض على الجهات المعنية إدارتها كوحدة تراثية متكاملة، وليس كمجموعة من العقارات المتفرقة، مشيرة إلى أن مدينة حلب هي موقع أثري متكامل، ويتطلب التعامل معها إدارة شاملة، تراعي النسيج العمراني، وأنظمة البناء، والمواصلات، والحركة، بما يضمن الحفاظ على طابعها التاريخي.

وأكدت أن الحفاظ على هذا التراث يبدأ من ترميم المباني الأثرية بالشكل الأمثل، وإيقاف المخالفات ومعالجة السابقة منها، لافتة إلى أن المديرية تعمل على وضع آلية متكاملة لإدارة الموقع، بما يحافظ على أصالته العمرانية والحضارية.

أثّرسلباً

وحول موضوع المواصلات داخل المدينة القديمة، بينت نابو أن هذه القضية جزء أساسي من إدارة الموقع الأثري، حيث توجد في المدينة القديمة شوارع مرصوفة بالحجر، وأخرى معبّدة، تمرّ فيها السيارات، وقد أثر هذا الواقع سلباً على النسيج العمراني التاريخي.

وأضافت: رغم ما لحق بالمدينة من أضرار، لا تزال مساحة كبيرة منها، تقدر بنحو 14 ألف هكتار، تحتفظ بنسيجها التقليدي، وهو ما نسعى للحفاظ عليه، من خلال تقليل الحركة المرورية داخل الأحياء القديمة.

ولفتت إلى أن الخطّة تقضي بتحويل الشوارع المرصوفة إلى ممرات مخصصة للمشاة فقط ، بينما يجري العمل على تخفيف حركة السيارات في الشوارع المعبّدة عبر رصفها بالحجر لتتناسب مع الطابع المعماري الأثري.

وترى نابو أن تنظيم الحركة داخل الأحياء القديمة، يحقق بيئة آمنة ومريحة للسكان والسياح، ويسهل أعمال الترميم، ويحافظ على طابع المدينة التاريخي.

منعها بشكل كامل

أما عن انتشار الدراجات النارية في خندق القلعة ومحيط المدينة القديمة، فأكدت أن المديرية تتعامل مع هذه الظاهرة بجدية وتسعى إلى منعها بشكل كامل داخل المنطقة الأثرية.

وقالت: وجود الدراجات في المدينة القديمة ظاهرة سلبية بكلّ المقاييس، فهي تسبب تلوثاً بصرياً وسمعياً وبيئياً،، وتؤثرعلى السلامة العامة للسكان والسياح، فضلاً عن أنها تشوه المشهد التاريخي العام.

وأوضحت أن أعمال الترميم في العقارات الأثرية، تتطلب هدوءاً وانضباطاً في الحركة، ما يجعل وجود الدراجات عائقاً مباشراً أمام فرق العمل، فضلاً عن المخاطر التي تشكلها على الأطفال والطلاب في الأحياء التي تضم مدارس وروضات.

وأضافت: حين يتجول السائح في الحارات القديمة لمشاهدة العمارة التقليدية، فإن وجود الدراجات النارية وضجيجها يفقده الإحساس بجمال المكان ويهدد عنصر الأمان الذي نسعى لتوفيره.

وأكدت أن ضبط حركة المواصلات والدراجات داخل المدينة القديمة، ينعكس إيجاباً على جودة الترميم والسياحة والحياة الاجتماعية، مشيرة إلى أن الهدف الأساسي هو جعل هذه المنطقة نموذجاً في التوازن بين الحياة اليومية والحفاظ على التراث.
استعادة الحياة في المدينة القديمة

وفيما يخص خطط المديرية المستقبلية، بينت نابو أن العمل مستمر لاستكمال مشاريع الترميم وإعادة الإحياء في عدد من المعالم التاريخية المهمة، منها : بيت غزالة، وبيت أُجق باش، والبيمارستان الأرغوني، والبيمارستان النوري، إضافة إلى العقارات التي تشغلها المديرية نفسها.

هذه المشاريع-حسب نابو- تهدف إلى إعادة إشغال المباني التاريخية بما يتناسب مع قيمتها التراثية ووظيفتها الأصلية، مشيرة إلى أن بعض الدراسات قيد الإنجاز لاستكمال مراحل العمل ضمن رؤية متكاملة للحفاظ على هوية المدينة.

ونوهت بأن عودة السكان إلى بيوتهم في المدينة القديمة، تتطلب وجود كادر هندسي وفني متخصص، يشرف على أعمال الترميم ويراقب جودة التنفيذ، مضيفة: إن المديرية بحاجة إلى زيادة عدد المهندسين المعماريين والمدنيين والمراقبين الفنيين لضبط عملية الترميم، ومنع أي تجاوز أو إضافة تشوه النسيج الأثري.

وأكدت أن المراقبين الفنيين يلعبون دوراً أساسياً في منع استخدام مواد بناء غير تقليدية، والتعامل مع أي تعديات أو إضافات عشوائية، بما يضمن الحفاظ على الطابع التاريخي والمواد الأصلية المستخدمة في المدينة القديمة.

كما شددت على أهمية التسهيلات القانونية التي تقدمها المديرية للمواطنين لتشجيعهم على الترميم المرخص، والابتعاد عن المخالفات، مؤكدة أن الهدف ليس التضييق بل دعم السكان للعودة الآمنة والمستقرة إلى بيوتهم.

أساس النجاح

 

نابو بينت أن حماية مدينة حلب الأثرية مسؤولية جماعية، وأملت أن يتم قريباً توسيع الكادر الفني وتقسيم العمل بشكل يحقق أفضل إدارة للموقع الأثري، ويضمن بيئة تراثية آمنة تشجع على عودة السكان، وتعيد لحلب مكانتها كواحدة من أعرق المدن التاريخية في العالم.

واختتمت حديثها بأن المديرية تواصل العمل بتكامل مع الجهات الخدمية والإدارية والمجتمع المحلي، لتحقيق التوازن بين حماية التراث وتنشيط الحياة الاجتماعية والاقتصادية داخل المدينة القديمة، مضيفة: إن قلعة حلب ستبقى رمزاً خالداً للمدينة ومركز إشعاع ثقافي وسياحي يجب الحفاظ عليه بكل الوسائل الممكنة.

آخر الأخبار
"المفوضية الأوروبية": على أوروبا الاضطلاع بدور فعال في دعم سوريا المصارف.. انكشاف مالي عابر للحدود تصدير 89 براداً من الخضار والفواكه إلى الخليج في 4 أيام الشفافية الدبلوماسية على لسان " الشيباني "  بدعم من "يونيسف".. "السويداء" تطلق أعمال ترميم ست مدارس ارتفاع الأسعار مرض اقتصادي يترقب العلاج! كيف حوّل النظام المخلوع مدارس ريف دمشق إلى ثكنات عسكرية؟ توسيع الطاقة الاستيعابية في المدينة الجامعية بحلب لجنة فنية  لدراسة الاعتراضات على المخططات التنظيمية بحلب تفاوت أسعار الأدوية بحلب.. غياب للرقابة والنقابة لا تجيب..! الإنارة في دمشق ..حملات صيانة لا تلامس احتياجات الأحياء 10 آلاف مستفيد من خدمة "شام كاش"  في "بريد اللاذقية" الأمن الداخلي يُعلن التحرك بحزم لإنهاء الفوضى في مخيم الفردان اجتماع تنسيقي في درعا يبحث مشروعات مشتركة مع منظمات دولية الأردن يحذر: استقرار سوريا شرط لتجنب موجات لجوء جديدة سجون نظام المخلوع.. حكايات كتبت على جدرانها بحبر دماء المعتقلين تنويع مصادر الطاقة لتجنب التهديدات وموازنة الاحتياجات مع الاستدامة سجن تدمر العسكري.. ذاكرة من الألم قرار بريطانيا رفع "تحرير الشام" من الإرهاب يتيح تفاعلاً أوثق مع سوريا "مسلخ صيدنايا" البشري .. تاريخ أسود ووصمة عار