الثورة – عبد الحميد غانم:
كشفت رئيسة دائرة التخطيط بمديريات المناطق الصناعية في محافظة طرطوس، المهندسة نبيلة علي، عن وجود فجوة كبيرة في سوق الإسمنت المحلي تقدر بحوالي 5 ملايين طن سنوياً، يتم استيرادها حالياً من خارج البلاد.
وأوضحت في تصريح لـ”الثورة” أن خطة التنمية تتجه نحو سد هذه الفجوة من خلال تأهيل المصانع القائمة، وإنشاء مصانع جديدة عالية الكفاءة، ومتوافقة مع معايير الاستدامة العالمية، في ظل الالتزام باتفاقية باريس للمناخ.
وأكدت أنه من خلال عرض قدمته في اليوم الثاني لمؤتمر ومعرض صناعة الإسمنت والمجبول البيتوني الجاري في مدينة المعارض بدمشق، أن الإنتاج المحلي الحالي من الإسمنت يبلغ حوالي 4 ملايين طن سنوياً، بينما تصل الحاجة الفعلية للسوق إلى حوالي 9 ملايين طن، ما يخلق فجوة قدرها 5 ملايين طن.
وأشارت إلى أن “خطة التنمية الحالية تعمل على زيادة هذا الإنتاج، سواء من خلال تأهيل المصانع القديمة – رغم توقع أن تكون أقل كفاءة – أو الاتجاه نحو إشادة مصانع إسمنت جديدة تكون ذات كفاءة عالية، ومطابقة للمعايير العالمية فيما يخص الاستدامة”.
الاستدامة البيئية
ولفتت إلى أن موضوع الاستدامة البيئية في الصناعة “لم يعد خياراً أو موضوعاً رفاهياً”، بل أصبح “لزاماً” كون سوريا جزءاً من اتفاقية باريس الخاصة بالحد من انبعاثات الكربون.
وأضافت: “سيكون لدينا توجه، وخصوصاً في مرحلة الإعمار القادمة، لتغذية السوق المحلية، وفي مرحلة لاحقة من مراحل الإعمار قد نحتاج إلى ثلاثة أضعاف هذا الإنتاج، أي حوالي 20 مليون طن سنوياً”.
وأشارت المهندسة علي إلى رؤية ترتكز على “الشفافية” كأساس لجذب المستثمرين، موضحة أن هذه الشفافية تشمل “إعطاء القيمة الحقيقية والكلفة الحقيقية للطن الإسمنت”، مع الأخذ بعين الاعتبار أن سوريا تمتلك المواد الأولية والموانئ للتصدير.
الكلفة البيئية
وأبرزت المهندسة علي مفهوماً جديداً في سياسة الاستثمار وهو “احتساب الكلفة البيئية” للطن الإسمنتي، مؤكدة أن “كلفة طن الإسمنت ليست فقط من مستلزمات السلع كمواد أولية ووقود وغيرها، بل تضيف إليها الكلفة التي ترتب على المجتمع نتيجة الأضرار البيئية واستنزاف الموارد والتأثير على التنوع الحيوي وكفاءة الطاقة”.
وأشارت إلى أن الاختصاصيين في هذا المجال يمتلكون طرقاً لتقييم هذه الكلفة ليست فقط كموضوع شفوي، بل نصل فيها إلى قيمة نقدية مالية”، مما يساهم في إعطاء المستثمر نظرة حقيقية عن مستوى المصنع الذي يجب أن يستثمر فيه.
التمويل الأخضر
وأكدت علي أن “كلفة البيئة هي استثمار” بحد ذاته، إذ إن المستثمر الذي يلتزم بالمعايير البيئية سيقوم باستثمارات في مجالات مثل تركيب فلاتر قماشية أو إلكتروستاتيكية جديدة، وترشيد استهلاك المياه، وتحسين كفاءة استخدام المواد الأولية والطاقة.
ورأت أن هذه الاستثمارات البيئية أو “الاستثمار الأخضر” يمكن أن تمهد الطريق للحصول على تمويل أخضر من المنظمات العالمية التي تدعم هذه المشاريع في سوريا، خاصة إذا كانت مشاريعنا تتمتع بالشفافية وتحقيق متطلبات الاستدامة.